للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقدِ اسْتَنْبَطَ طائفةٌ مِن المتأخِّرينَ مِن القرآنِ أنَّها ليلةُ سبعٍ وعشرينَ مِن موضعينِ:

أحدُهُما: أن الله تَعالى كَرَّرَ ذكرَ ليلةِ القدرِ في سورةِ القدرِ في ثلاثـ[ـــــةِ] مواضعَ منها، وليلةُ القدرِ حروفُها تسعُ حروفٍ، والتِّسعُ إذا ضُرِبَتْ في ثلاثةٍ فهيَ سبعٌ وعشرونَ!

والثَّاني: أنَّهُ قالَ: {سَلَامٌ هِيَ}، وكلمةُ {هِيَ} هيَ الكلمةُ السَّابعةُ والعشرونَ مِن السُّورةِ؛ فإنَّ كلماتِها كلَّها ثلاثونَ كلمةً.

قالَ ابنُ عَطِيَّةَ: هذا مِن مُلَحِ التَّفسيرِ لا مِن مَتينِ العلمِ. وهوَ كما قالَ (١).

وممَّا استَدَلَّ بهِ مَن رَجَّحَ ليلةَ سبعٍ وعشرينَ بالآياتِ والعلاماتِ التي رُوِيَتْ فيها قديمًا وحديثًا وبما وَقَعَ فيها مِن إجابةِ الدَّعواتِ:

فقد تَقَدَّمَ عن أُبَيِّ بن كَعْبٍ أنَّهُ أستَدَلَّ على ذلكَ بطلوعِ الشَّمسِ في صبيحتِها لا شعاعَ لها.

وكانَ عَبْدَةُ بنُ أبي لُبابَةَ يَقولُ: هيَ ليلةُ سبعٍ وعشرينَ، ويَسْتَدِلُّ على ذلكَ بأنَّهُ قد جَرَّبَ ذلكَ بأشياءَ وبالنُّجومِ (٢). خَرَّجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ.

ورُوِيَ عن عَبْدَةَ أنَّهُ ذاقَ ماءَ البحرِ ليلةَ سبَعٍ وعشرينَ فإذا هوَ


= / ١١٢٥٩)؛ من طريق أبي بحر، عن ابن جريج، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عبّاس … رفعه.
وهذا سند ضعيف فيه علّتان: أولاهما: أنّ أبا بحر البكراوي هذا ضعيف. والثانية: أنّه خالف الثقات فقد رواه: عبد الرزّاق (٧٦٨٦)، وابن أبي شيبة (٨٦٨٨ و ٩٥٤١) من طريق يحيى بن سعيد؛ كلاهما عن ابن جريج … به موقوفًا. وهذا حدّ النكارة.
(١) أيّ ملح هذه؟! لماذا اعتمد عدد الحروف أوّلًا وعدد الكلمات ثانيًا؟! لماذا وقف عند كلمة {هِيَ} ولم يتابع إلى آخر السورة؟! وغير ذلك كثير ممّا يدلّ على تخبّط أهل الحسابات والأرقام وإتيانهم بالمحالات والضلالات لترويج بضاعتهم الكاسدة! فيومًا يعدّون الأحرف المنقّطة وآخر يعدّون الأحرف الصمّاء وثالثًا يعدّون الأحرف الصوتيّة … وهكذا في سعي محموم لتحصيل تاريخ حوادث ١١ أيلول من سورة التوبة وتاريخ سقوط بغداد من سورة محمَّد! والله المستعان على ضلالات أُولئك الجهلة الذين أعرضوا عن تدبّر القرآن وفهم مقاصده والعمل به وجعلوه شريحة رقميَّة يستخرجون منها ما تمليه عليه أهواؤهم من الإشارات على طريقة الباطنيّة من الصوفية والإسماعيليّة والنصيريّة والقاديانيّة.
(٢) بالنجوم لا بالتنجيم! يعني بالنظر إلى أنّه لا يرمى الشياطين ليلتها بالنجوم. لكن كيف تسنّى له أن يجزم بذلك؟!

<<  <   >  >>