للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أسْتَغْفِرُ الله مِنْ صِيامي … طولَ زَماني وَمِنْ صَلاتي

صِيامُنا كُلُّهُ خُروقُ … صَلاتُنا أيُّما صَلاتي

مُسْتَيْقِظٌ في الدُّجى وَلكِنْ … أحْسَنُ مِنْ يَقْظَتي سُباتي

وقريبٌ مِن هذا أمرُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لعائِشَةَ في ليلةِ القدرِ بسؤالِ العفوِ (١)؛ فإنَّ المؤمنَ يَجْتَهِدُ في شهرِ رمضانَ في صيامِهِ وقيامِهِ، فإذا قَرُبَ فراغُهُ وصادَفَ ليلةَ القدرِ، لم يَسْألِ الله إلَّا العفوَ كالمسيءِ المقصِّرِ.

كانَ صِلَةُ بنُ أشْيَمَ يُحْيي الليلَ، ثمَّ يَقولُ في دعائِهِ في السَّحرِ: اللهمَّ! إنِّي أسْألُكَ أنْ تُجيرَني مِن النَّارِ، ومثلي يَجْتَرِئُ أنْ يَسْألَكَ الجنَّةَ؟!

كانَ مُطَرِّف تقولُ في دعائِهِ: اللهمَّ! ارْضَ عنَّا، فإنْ لمْ تَرْضَ عنَّا؛ فاعْفُ عنَّا؛ فإنَّ السَّيِّدَ يَعْفو عن عبدٍ وهوَ عنهُ غيرُ راضٍ.

قالَ يَحْيى بنُ مُعاذٍ: ليسَ بعارفٍ مَن لمْ يَكُنْ غايةُ أملِهِ مِن اللهِ العفوَ.

إنْ كُنْتُ لا أصْلُحُ لِلْقُرْبِ … فَشَأْنُكُمُ عَفْوٌ عَنِ الذَّنْبِ

أنفعُ الاستغفارِ ما قارَنَتْهُ التَّوبةُ، وهيَ حلُّ عقدةِ الإصرارِ. فمَنِ اسْتَغْفَرَ بلسانِهِ وقلبُهُ على المعصيةِ معقود، وعزمُهُ أنْ يَرْجِعَ إلى المعاصي بعدَ الشَّهرِ ويَعود؛ فصومُهُ عليهِ مردود، وبابُ القبولِ عنهُ مسدود.

قالَ كعبٌ: مَن صامَ رمضانَ وهوَ يُحَدِّثُ نفسَهُ أنَّهُ إذا أفْطَرَ [بعدَ] (٢) رمضانَ أنْ لا يَعْصِيَ الله؛ دَخَلَ الجنَّةَ بغيرِ مسألةٍ ولا حسابٍ، ومَن صامَ رمضانَ وهوَ يُحَدِّثُ نفسَهُ أنَّهُ إذا أفْطَرَ عَصى ربَّهُ؛ فصيامُهُ عليهِ مردودٌ. خَرَّجَهُ سَلَمَةُ بنُ شَبيبٍ.

وَلَوْلا التُّقى ثُمَّ النُّهى خَشْيَةَ الرَّدى … لَعاصَيْتُ في حُبِّ الصِّبا كُلَّ زاجِرِ

قَضى ما قَضى فيما مَضى ثُمَّ لا تُرى … لَهُ عَوْدَةٌ أُخْرى اللَيالي الغَوابِرِ

في "سنن أبي داوود" وغيرِهِ: عن أبي بَكْرَةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "لا يَقولَنَّ أحدُكُم: صُمْتُ رمضانَ كلَّهُ، ولا قُمْتُ رمضانَ كلَّهُ". قالَ أبو بَكْرَةَ: فلا أدري؛ أكَرِهَ


(١) (صحيح). تقدّم تفصيل القول فيه (ص ٤٦٦).
(٢) ليست من خ و م، استفدتها من ط ليستقيم السياق.

<<  <   >  >>