للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقالوا: ذَهَبَ أهلُ الدُّثورِ مِن الأموالِ بالدَّرجاتِ العلى والنَّعيمِ المقيمِ؛ يُصَلُّونَ كما نُصَلِّي، ويَصومونَ كما نَصومُ، ولهُم فضلُ أموالٍ يَحُجُّونَ بها ويَعْتَمِرونَ ويُجاهِدون ويَتَصَدَّقونَ. فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ألا احَدّثُكُم بما إنْ أخَذْتُم بهِ لَحِقْتُم مَن سَبقَكُم ولم يُدْرِكْكُم أحدٌ بعدَكُم، وكُنْتُم خيرَ مَن أنتُم بينَ ظهرانَيْهِ؛ إلَّا مَن عَمِلَ مثلَهُ؟ تُسَبِّحونَ وتَحْمَدونَ وتُكَبِّرونَ خلفَ كلِّ صلاةٍ ثلاثًا وثلاثينَ".

وفي "المسند" و "سنن النَّسائِيِّ": عن أبي الدَّرْداءِ؛ قالَ: قُلْنا: يا رسولَ اللهِ! ذَهَبَ الأغنياءُ بالأجرِ؛ يَحُجُّونَ ولا نَحُجُّ، ويُجاهِدونَ ولا نُجاهِدُ، وبكذا وبكذا. فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أدُلُّكُم على شيءٍ إنْ أخَذْتُم بهِ جِئْتُم مِن أفضلِ ما يَجيءُ بهِ أحدٌ منهُم؟ أنْ تُكَبِّروا الله أربعًا وثلاثينَ وتُسَبِّحوهُ ثلاثًا وثلاثينَ وتَحْمَدوهُ ثلاثًا وثلاثينَ في دبرِ كل صلاة" (١).

• المالُ لمَنِ اسْتَعانَ بهِ على طاعةِ اللهِ وأنْفَقَهُ في سبلِ الخيراتِ المقرِّبةِ إلى اللهِ


(١) (صحيح). رواه: عبد الرزّاق (٣١٨٧)، وابن أبي شيبة (٢٩٢٥٨ و ٣٥٠٢٩)، وعليّ بن الجعد (١٦٠)، وأحمد (٥/ ١٩٦، ٦/ ٤٤٦)، والبخاري في "الكنى" (ص ٥٥ و ٥٦)، والنسائي في "الكبرى، (٩٩٧٦ - ٩٩٧٩) و"اليوم والليلة" (١٤٨ - ١٥١)، وابن أبي حاتم في "العلل" (٢١١٢)، والطبراني في "الدعاء" (٧٠٧ و ٧٠٨ و ٧١٠ - ٧١٣)، وابن عدي (٧/ ٢٦٣٠)، وابن عساكر (٤٧/ ٩٤ - ٩٥)، والمزّي في "التهذيب" (٣٤/ ١١٠)؛ من طرق، عن أبي عمر الصيني، عن أبي الدرداء … رفعه. وهاهنا علّتان: أولاهما: أنّ أبا عمر هذا مستور. والثانية: أن بعضهم زاد بينه وبين أبي الدرداء رجلًا وزاد بعضهم أُمّ الدرداء، وليس هذا بالقادح، فهذه الزيادات جاءت من أوجه واهية، والراجح أنّ الصينيّ تلقّاه عن أبي الدرداء نفسه.
ورواه: ابن المبارك في "الزهد" (١١٥٩)، والبخاري في "الكنى" (ص ٥٦)، والطبراني في "الدعاء" (٧١٤)؛ من طريق ليث بن أبي سليم، عن الحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي الدرداء … رفعه. وهذا منكر: ليث مدلس ضعيف، وقد رواه جماعة الثقات عن الحكم على الوجه الأوّل. ولذلك قال البخاري: "والأوّل أصحّ".
ورواه: الطيالسي (٩٨٢)، وابن أبي شيبة (٣٥٠٣٠)، والنسائي في "الكبرى" (٩٩٧٥) و"اليوم والليلة" (١٤٧)، وابن أبي حاتم (٢١١٢)، والطبراني في "الدعاء" (٧٠٩)؛ من طريق عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح، عن أبي الدرداء … رفعه. وهذا سند قويّ، لولا أنّ الثوري رواه عن عبد العزيز على الوجه الأوّل ورجّحه أبو زرعة، لكن لا يبعد أن يكون عند عبد العزيز على الوجهين، فالذين رووه عنه على هذا الوجه جماعة ثقات.
فإن لم يكن الحديث صحيحًا بهذا الوجه الثالث وحده، فهو صحيح بشاهده المتقدّم قبله من حديث أبي هريرة. وقد قوّاه الهيثمي وغيره.

<<  <   >  >>