للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا كلُّهُ يَدُلُّ على أنَّ عشرَ ذي الحجَّةِ أفضلُ مِن غيرِهِ مِن الأيَّامِ مِن غيرِ استثناءٍ. هذا في أيَّامِهِ.

• فأمَّا لياليهِ؛ فمِن المتأخِّرينَ (١) مَن زَعَمَ أنَّ لياليَ عشرِ رمضانَ أفضلُ مِن لياليهِ لاشتمالِها على ليلةِ القدرِ. وهذا بعيدٌ جدًّا (٢). ولو صَحَّ حديثُ أبي هُرَيْرَةَ "قيامُ كلِّ ليلةٍ منها بقيامِ ليلةِ القدرِ"؛ لَكانَ صريحًا في تفضيلِ لياليهِ على ليالي عشرِ رمضانَ؛ فإنَّ عشرَ رمضانَ فُضِّلَ بليلةٍ واحدةٍ فيهِ، وهذا جميعُ لياليهِ مساويةٌ لها في القيامِ على هذا الحديثِ (٣). ولكنَّ حديثَ جابِرٍ الذي خَرَّجَهُ أبو موسى صريحٌ في تفضيلِ لياليهِ كتفضيلِ أيَّامِهِ أيضًا (٤)، والأيَّامُ إذا أُطْلِقَتْ دَخَلَتْ فيها الليالي تبعًا، وكذلكَ الليالي تَدْخُلُ أيَّامُها تبعًا.

وقد أقْسَمَ اللهُ تَعالى بلياليهِ فقالَ تَعالى: {وَالْفَجْرِ (١) وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: ١ - ٢]، وهذا يَدُلُّ على فضيلةِ لياليهِ أيضًا (٥).

لكنْ لم يَثْبُتْ أنَّ لياليَهُ ولا شيئًا منها يَعْدِلُ ليلةَ القدرِ.

وقد زَعَمَ طوائفُ مِن أصحابِنا أنَّ ليلةَ الجمعةِ أفضلُ مِن ليلةِ القدرِ،


= المناسك، ١٩ - الهدي إذا عطب، ١/ ٥٤٨/ ١٧٦٥)، وابن أبي عاصم في "الآحاد" (٢٤٠٧ و ٢٤٠٨)، والنسائي في "الكبرى" (٤٠٩٨)، وابن خزيمة (٢٨٦٦ و ٢٩١٧ و ٢٩٦٦)، والطحاوي (٣/ ٥٠)، وابن قانع (٢/ ١٠٣ - ١٠٤/ ٥٥٥)، وابن حبّان (٢٨١١)، والطبراني في "الأوسط" (٢٤٤٢) و"الشاميّين" (٤٧٥)، والحاكم (٤/ ٢٢١)، والبيهقي (٥/ ٢٣٧ و ٢٤١، ٧/ ٢٨٨)، والخطيب في "الجمع والتفريق" (٢/ ١٨٩)، وابن عساكر (٣٢/ ٥ - ٧)، وابن الأثير في "الغابة" (٣/ ٦٠)، والمزّي (١٥/ ٤٤٥)؛ من طريق ثور بن يزيد، عن راشد بن سعد، عن عبد الله بن لحيّ، عن عبد الله بن قرط … رفعه.
وهذا إسناد رجاله ثقات، وقد صحّحه ابن خزيمة وابن حبّان والحاكم والبيهقي والذهبي والألباني.
(١) كأنّه يعني شيخي الإسلام فإنّهما يقولان بهذا القول.
(٢) لست أدري لماذا! مع أنّه قول وجيه جدًّا! ودخول ليالي العشر في أيّامه لا يعني أنّها تساويها تمامًا في الفضل، بل فضل النهار فيها على الليل ظاهر لأنّ معظم أعمال الحجّ تقع في النهار. فأيّ بعد في أن تكون ليالي عشر رمضان خيرًا من ليالي عشر ذي الحجّة وأيّام عشر ذي الحجّة خيرًا من أيّام عشر رمضان؟!
(٣) ولكنّه غير صحيح كما تقدّم.
(٤) ولكنّه غير صحيح كما تقدّم.
(٥) فضل ليالي العشر ليس موضع أخذ وردّ، وإنّما الكلام في فضل لياليه على ليالي عشر رمضان.

<<  <   >  >>