للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مرَّةً واحدةً في عمرِهِ، وجَعَلَ موسمَ العشرِ مشتركًا بينَ السَّائرينَ والقاعدينَ، فمَن عَجَزَ عنِ الحجِّ في عامٍ؛ قَدَرَ في العشرِ على عملٍ يَعْمَلُهُ في بيتِهِ يَكونُ أفضلَ مِن الجهادِ الذي هوَ أفضلُ مِن الحجِّ.

لَيالي العَشْرِ أوْقاتُ الإجابَهْ … فَبادِرْ رَغْبَةً تَلْحَقْ ثوابَهْ

ألا لا وَقْتَ لِلعُمَّالِ فيهِ … ثَوابُ الخَيْرِ أقْرَبُ لِلإصابَهْ (١)

مِنَ اوقاتِ الليالي العَشْرِ حَقًّا … فَشَمِّرْ وَاْطلُبَنْ فيها الإنابَهْ

احْذَروا المعاصي؛ فإنَّها تَحْرِمُ المغفرةَ في مواسمِ الرَّحمةِ.

رَوى المَرُّوذِيُّ في كتابِ "الورع" بإسنادِهِ عن: عَبْدِ المَلِكَ بنِ عُمَيْرٍ، عن رجلٍ إمَّا مِن الصَّحابةِ أو مِن التَّابعينَ؛ أنَّ آتيًا أتاهُ في منامِهِ في العشرِ مِن ذي الحجَّةِ، فقالَ: ما مِن مسلمٍ إلَّا يُغْفَرُ لهُ في هذهِ الأيَّامِ كلَّ يومٍ خمسَ مرَّاتٍ؛ إلَّا أصحابَ الشَّاهِ؛ يَقولونَ: ماتَ! ما موتُهُ؟ يَعْني: أصحابَ الشَّطْرَنْجِ (٢). فإذا كانَ اللعبُ بالشَّطْرَنْجِ مانعًا مِن المغفرةِ؛ فما الظَّنُّ بالإصرارِ على الكبائرِ المجمعِ عليها؟!

طاعَةُ اللهِ خَيْرُ ما لَزِمَ العَبْ … دُ فَكُنْ طائِعًا ولا تَعْصِيَنْهُ

ما هَلاكُ النُّفوسِ إلَّا المعاصي … فَاْجْتَنِبْ ما نَهاكَ لا تَقْرَبَنْهُ (٣)

إنَّ شَيْئًا هَلاكُ نَفْسِكَ فيهِ … يَنْبَغي أنْ تَصونَ نَفْسَكَ عَنْهُ

المعاصي سببُ البعدِ والطَّردِ كما أنَّ الطَّاعاتِ أسبابُ القربِ والودِّ.

أيَضْمَنُ لي فتًى تَرْكَ المَعاصي … وأرْهَنَهُ الكَفالَةَ بِالخَلاصِ

أطاعَ اللهَ قَوْمٌ فَاْسْتَراحوا … وَلَمْ يَتَجَرَّعوا غُصَصَ المَعاصي

إخوانكُم في هذهِ الأيَّامِ قد عَقَدوا الإحرام، وقَصَدوا البيتَ الحرام، ومَلؤوا الفضاءَ بالتَّلبيةِ والتَّكبيرِ والتَّهليلِ والتَّحميدِ والإعظام. لقد ساروا وقَعَدْنا، وقَرُبوا وبَعُدْنا، فإنْ كانَ لنا معَهُم نصيبٌ سَعِدْنا.


(١) في خ: "أقرب للإجابة"، والأولى ما أثبتّه من م ون وط.
(٢) هذا لو كان رواية يقظة لما كان حجّة فكيف وهو منام؟!
(٣) في خ: "طائعًا لله لا تعصينه … نهاك عنه لا تقربنه" ولا يستقيم الوزن إلاّ بما أثبتّه من م ون وط.

<<  <   >  >>