للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السَّبعينَ" (١).

قَدْ يَبْلُغُ الزَّرْعُ مُنْتَهاهُ (٢) … لا بُدَّ لِلزَّرْعِ مِنْ حَصادِ

وقد يُدْرِكُ الزَّرعَ آفةٌ قبلَ بلوغِ حصادِهِ فيَهْلِكُ، كما أُشِيرَ إليهِ في قولِهِ تَعالى: {حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} الآية [يونس: ٢٤].

قالَ مَيْمونُ بنُ مِهْرانَ لجلسائِهِ: يا معشرَ الشُّيوخِ! ما يُنْتَظَرُ بالزَّرعِ إذا ابْيَضَّ؟ قالوا: الحصادُ. فنَظَرَ إلى الشَّبابِ، فقالَ: يا معشرَ الشَّبابِ! إنَّ الزَّرعَ قد تُدْرِكُهُ الآفةُ قبلَ أنْ يَسْتَحْصِدَ.

وقالَ بعضُهُم: أكثرُ مَن يَموتُ الشَّبابُ، وآيةُ ذلكَ أن الشُّيوخَ في النَّاسِ قليلٌ.

أيا ابْنَ آدَمَ لا تَغْرُرْكَ عافِيَةٌ … عَلَيْكَ ضافِيَةٌ فَالْعُمْرُ مَعْدودُ

ما أنْتَ إلَّا كَزَرْعٍ عِنْدَ خُضْرَتِهِ … بِكُلِّ شَيْءٍ مِنَ الآفاتِ مَقْصودُ

فَإنْ سَلِمْتَ مِنَ الآفاتِ أجْمَعِها … فَأنْتَ عِنْدَ كَمالِ الأمْرِ مَحْصودُ

• كلُّ ما في الدُّنيا فهوَ مذكِّرٌ بالآخرةِ ودليلٌ عليهِ:

• فنباتُ الأرضِ واخضرارُها في الرَّبيعِ بعدَ قحولها ويبسِها في الشِّتاءِ وإيناعُ الأشجارِ وزهوُها (٣) بعدَ كونِها خشبًا يابسًا يَدُلُّ على بعثِ الموتى مِن الأرضِ. وقد ذَكَرَ اللهُ تَعالى ذلكَ في كتابِهِ في مواضعَ كثيرةٍ: قالَ تَعالى: {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٥) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [الحج: ٥ - ٧]. وقالَ تَعالى: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (٩) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (١٠) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا


(١) (ضعيف). تقدّم تفصيل القول فيه (ص ٢٤٩).
(٢) في خ وم ون: "قد بلغ الزرع منتهاه"! وأثبتّ ما في ط لموافقته للوزن.
(٣) في خ: "بعد قحولتها … "، وفي م: "بعد قحولتها … وزهورها"، وفي ن: "بعد قحولها … واخضرارها".

<<  <   >  >>