د ـ وفي الحديث الصحيح الآخر أن رجلًا سأل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن صومه، فغضب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ غضبًا شديدًا، وجلس عمر بن الخطاب يقول: رضينا بالله ربًا وبالإسلام دينًا حتى سكن غضب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (رواه مسلم (١/٤٩ ـ ٥١) عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه بنحوه مطولًا) ، وسر غضبه صلوات الله وسلامه عليه أن هذا السائل أراد أن يضاهي فعل الرسول في هذه العبادة التي كان له فيها خصوصية، وهي أنه يواصل اليوم واليومين والثلاثة وكان يُسأل ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن ذلك فيقول:(لست كهيئتكم إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني)(رواه مسلم (٧/٢١٢ و٢١٥) بنحوه عن أبي هريرة وعائشة وأنس ـ رضي الله عنهم ـ.
هـ ـ ـ وأبلغ هذه الأدلة كلها في مسألة التعبد والتقرب، أنه لا يجوز فيه إلا اتباع المشروع، والتقيد بالكتاب والسنة هو حديث النفر الثلاثة الذين أتوا إلى بيوت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فسألوا عن عبادته، فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقال أحدهم: وأين نحن من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ! إن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. أما أنا فأقوم ولا أنام، وقال الآخر: أما أنا فأصوم ولا أفطر، وقال الثالث: أما أنا فلا أتزوج النساء. فلما رجع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأخبر خبرهم صعد المنبر، وجمع الناس ثم قال:(ما بال أقوام يقولون كذا. . أما إن أعلمكم بالله، وأتقاكم لله أنا، أما إني لأصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)(رواه البخاري ومسلم عن أنس ـ رضي الله عنه ـ وليس فيه صعود المنبر وجمع الناس) .
وفي هذا الحديث من الفقه شيء كثير ويهمنا الآن ما نحن بصدده، وهو أن أي تجاوز فيما شرعه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في العبادات التي يتقرب بها إلى الله ـ عز وجل ـ فمعنى ذلك الخروج من منهج الإسلام إلى منهج آخر حتى ولو صلحت النيات، وأريد بذلك وجه الله ـ عز وجل ـ فإن الرب ـ تبارك وتعالى ـ لا يُعبد إلا بما شرع.
وأمر آخر وهو أن تجاوز فعل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ سواء كان بتشريع جديد