وعباداتها، فأمر أن نصلي بالنعال والخفاف مع العلم أن خلعها أتم لمعاني الخضوع والذلة، وذلك مخالفة لليهود والنصارى الذين لا يصلون في خفافهم ونعالهم. فقال:(إن أهل الكتاب لا يصلون في خفافهم ونعالهم، فصلوا في خفافكم ونعالكم)(رواه أبو داود ٦٥٢) عن شداد بن أوس، وإسناده صحيح، ولفظه:(خالفوا اليهود، فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم) وصححه الألباني في (صحيح الجامع ـ ٣٢٠٥) و (تخريج المشكاة ـ ٧٦٥)) .
ولهذا الأصل أدلة وشواهد لا تحصى كثرة (من أجمع الكتب المؤلفة في ذلك كتاب (اقتضاء الصراط المستقيم) لشيخ الإسلام ابن تيمية والفصل الخاص بحرمة التشبه بالكفار من (حجاب المرأة المسلمة) للألباني) ، والمراد هنا التنبيه على أن الأمة الإسلامية يجب أن تكون أمة مستقلة في كل شيء: المنهج والعبادة، والسلوك والآداب والعبادات، وحتى اللباس والمظاهر والعادات.
١٨ ـ وأرجو أن أكون بهذه المقدمة قد أوضحت جانبًا من هذه القضية: قضية الالتزام بالكتاب والسنة عقيدة وعبادة، وسلوكًا وآدابًا بالمشروع فقط.
الصحابة رضوان الله عليهم والأصلان السابقان:
١٩ ـ فهم الصحابة رضوان الله عليهم هذا الأصل الأصيل لأنه مقتضى قولهم " لا إله إلا الله محمد رسول الله " فاتبعوا هذا الأصل، وكانوا حراسًا له، فما شاهدوا انحرافًا ولو يسيرًا إلا شددوا نكيرهم على فاعليه، وبتروه من أصله. ومن أكبر الأدلة على ذلك أن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ دخل المسجد في الكوفة فرأى حلقًا، وفي وسط كل حلقة كومًا من الحصى، ورجل قائم على كل حلقة يقول لهم: سبحوا مئة فيسبحون مئة. احمدوا مئة فيحمدون مئة، كبروا مئة، فيكبرون مئة؛ فقال لهم ابن مسعود رضي الله عنه: يا قوم! والله لأنتم على ملة هي أهدى من ملة رسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو مقتحموا باب ضلالة (رواه الدارمي (١/٦٨) بتمامه مع بعض اختلاف، وإسناده جيد، وصححه أستاذنا الألباني في رسالة (الرد على التعقب الحثيث ص٤٥)) ، وهذه