ـ صلى الله عليه وسلم ـ كتاب، فقال لي: هذا " كتاب فصوص الحكم خذه واخرج به إلى الناس ينتفعون به، فقلت: السمع والطاعة لله ولرسوله وأولي الأمر منا كما أمرنا " ثم يقول:
فحققت الأمنية، وأخلصت النية، وجردت القصد والهمة إلى إبراز هذا الكتاب كما حده لي الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ من غير زيادة ولا نقصان " (الفصوص، ص٤٧، طبع بيروت. تحقيق: أبو العلاء عفيفي) .
ويقول في مكان آخر بعد أن ذكر مواضيع الكتاب: " فاقتصرت على ما ذكرته من هذه الحكم في هذا الكتاب على حد ما ثبت في أم الكتاب، فامتثلت ما رسم لي، ووقفت عند ما حد لي، ولو رمت زيادة على ذلك ما استطعت فإن الحضرة تمنع من ذلك " (ص٥٨) .
ويقول أيضًا في " فص حكمة علوية في كلمة موسوية ": " وأنا إن شاء الله أسرد منها في هذا الباب على قدر ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري فكان هذا أول ما شوفهت به من هذا الباب " (ص٥٨) .
وهذه النقول من مقدمة الكتاب ومن ثناياه تعلمك إصرار الرجل أنه ينقل عن الله مباشرة بل مشافهة، وعن اللوح المحفوظ رأسًا، وعن الرسول الذي أمره في تلك الرؤيا المزعومة أن يخرج على الناس بهذا الكتاب، فماذا في هذا الكتاب من العلم بالله ورسالاته والهدى والنور؟ لننظر.
٢ ـ يزعم ابن عربي أن قوم نوح أجابوا رسولهم إجابة حقيقية، وأن نوحًا مكر بهم فمكروا به، وأن تمسكهم بآلهتهم إنما هو تمسك بحق أراد نوح أن يزيلهم عنه، وهاك نص عباراته في ذلك:
" علم العلماء بالله ما أشار إليه نوح ـ عليه السلام ـ في حق قومه من الثناء عليهم بلسان الذم، وعلم أنهم إنما لم يجيبوا دعوته لما فيها من الفرقان، والأمر قرآن لا فرقان، ومن أقيم في القرآن لا يصغي إلى الفرقان وإن كان فيه. .، دعاهم ليغفر لهم، لا ليكشف لهم، وفهموا ذلك منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ. لذلك {جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم}[نوح: ٧] . وهذه كلها صورة الستر التي دعاهم إليها، فأجابوا دعوته بالفعل، لا بلبيك.