للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومشاركتهم في الظاهر: إن لم تكن (١) ذريعة أو سببا قريبا أو بعيدا إلى نوع ما من الموالاة (٢) والموادة، فليس فيها مصلحة المقاطعة والمباينة، مع أنها تدعو إلى نوع ما من المواصلة - كما توجبه الطبيعة (٣) وتدل عليه العادة - ولهذا كان السلف رضي الله عنهم يستدلون بهذه الآيات على ترك الاستعانة بهم في الولايات.

فروى الإمام أحمد بإسناد صحيح، عن أبي موسى (٤) رضي الله عنه قال: " قلت لعمر رضي الله عنه: إن لي كاتبا نصرانيا قال: ما لك؟ قاتلك الله، أما سمعت الله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [المائدة: ٥١] (٥) ألا اتخذت حنيفا؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين، لي كتابته وله دينه. قال:


(١) في (ب) : يكن.
(٢) في (أط) : الموادة والموالاة.
(٣) الطبيعة هنا بمعني الفطرة والجبلة، والسجية التي جبل عليها الإنسان. انظر: مختار الصحاح (ص٣٨٧) ، (ط ب ع) . لا كما يطلقها الفلاسفة وكثير من الكتاب المحدثين بمعني: مجموعة العناصر والعوالم الكونية التي يزعمون أنها تؤثر في بعضها تأثيرا مستقلا عن إرادة الخالق سبحانه، أو كما يزعم الملاحدة: أنها هي وحدها الوجود، وهي وحدها المؤثر والمؤثر فيه، وليس لها خالق مدبر متصرف، تعالى الله عما يقوله الظالمون علوا كبيرا.
(٤) هو الصحابي الجليل: عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار بن حرب بن عامر الأشعري، أبو موسى، قدم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكة قبل الهجرة، فأسلم، وهاجر الهجرتين، والثالثة من اليمن أول إسلامه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكة، وكان حسن الصوت بالقرآن، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على زبيد وعدن وساحل اليمن، واستعمله عمر على الكوفة والبصرة، وفتح الأهواز وأصبهان، وتوفي رضي الله عنه بالكوفة سنة (٥٠ هـ) . انظر: تهذيب الأسماء واللغات، للنووي، القسم الأول، (٢ / ٢٦٨) ، ترجمة رقم (٤٢٥) .
في المطبوعة: الأشعري.
(٥) سورة المائدة: من الآية ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>