للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك في سائر أصناف العجم من الحبشة والروم والترك، وبينهم (١) سابقون في الإيمان والدين (٢) لا يحصون كثرة، على ما هو معروف عند العلماء؛ إذ (٣) الفضل الحقيقي: هو اتباع ما بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم من الإيمان والعلم باطنا وظاهرا، فكل من كان فيه أمكن: كان أفضل.

والفضل إنما هو بالأسماء المحمودة في الكتاب والسنة مثل: الإسلام، والإيمان، والبر، والتقوى، والعلم، والعمل الصالح، والإحسان، ونحو ذلك، لا بمجرد كون الإنسان عربيا، أو عجميا، أو أسود، أو أبيض، ولا بكونه قرويا، أو بدويا.

وإنما وجه النهي عن مشابهة الأعراب والأعاجم مع ما ذكرناه من الفضل فيهم، وعدم العبرة بالنسب والمكان مبني على أصل، وذلك: أن الله سبحانه وتعالى جعل سكنى القرى يقتضي من كمال الإنسان في العلم والدين، ورقة القلوب، ما لا يقتضيه سكنى البادية، كما أن البادية توجب من صلابة البدن والخلق، ومتانة الكلام مالا يكون في القرى، هذا هو الأصل.

وإن جاز تخلف هذا المقتضى لمانع، وكانت البادية أحيانا أنفع من القرى، وكذلك (٤) جعل الله الرسل من أهل القرى، فقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [يوسف: ١٠٩] (٥) وذلك لأن الرسل لهم الكمال في عامة الأمور، حتى في النسب، ولهذا قال الله سبحانه: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [التوبة: ٩٧] (٦) ذكر هذا بعد


(١) في (أط) : أو بينهم. وفي المطبوعة: وغيرهم.
(٢) في (أ) : والذين لا يحصون كثرة.
(٣) في (ب) : إذا الفضل.
(٤) في (ب ج د) : ولذلك.
(٥) سورة يوسف: من الآية ١٠٩.
(٦) سورة التوبة: الآية ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>