للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى: الذي (١) ما جعل الله في الأرض - ولا يجعل - أمرا أجل منه وأعظم قدرا، وتلقوه عنه بعد مجاهدته الشديدة لهم، ومعالجتهم على نقلهم عن تلك العادات الجاهلية، والظلمات الكفرية، التي كانت قد أحالت قلوبهم عن فطرتها، فلما تلقوا عنه ذلك الهدى العظيم (٢) زالت تلك الريون (٣) عن قلوبهم، واستنارت بهدى الله الذي أنزل على عبده ورسوله.

فأخذوا هذا الهدى العظيم، بتلك الفطرة الجيدة (٤) فاجتمع لهم الكمال بالقوة المخلوقة فيهم، والكمال الذي أنزل الله إليهم: بمنزلة أرض جيدة (٥) في نفسها، لكن هي معطلة عن الحرث، أو قد نبت فيها شجر العضاة (٦) والعوسج (٧) وصارت مأوى الخنازير والسباع، فإذا طهرت عن المؤذي من الشجر والدواب، وازدرع فيها أفضل الحبوب والثمار، جاء فيها من الحرث ما لا يوصف مثله، فصار السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار أفضل خلق الله بعد الأنبياء، وصار أفضل الناس بعدهم: من اتبعهم بإحسان إلى يوم القيامة: من العرب والعجم.


(١) في (ط) : الذي جعله الله في الأرض.
(٢) العظيم: ساقطة من (ط) .
(٣) الريون: جمع رين، وهو الطبع والدنس. انظر: مختار الصحاح، مادة (ر ي ن) ، (ص ٢٦٦) ، فالريون هي: آثار الكفر والذنوب التي تحجب القلوب وتغشاها عن قبول الحق والاهتداء إليه.
(٤) في (ج د) : الجديدة.
(٥) في (ج د) : جديدة.
(٦) في (ب) : الغضاة، والعضاة: كل شجر له شوك، أما الغضاة فهي: شجرة تشبه الأثل تنبت في نجد، اشتهرت بجودتها للوقود. انظر: لسان العرب، مادة (عضه) و (غضا) .
(٧) العوسج: شجر من أشجار الشوك، له ثمر مدور صغير، واحدته: عوسجة. المصدر السابق (٢ / ٦٠٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>