للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان الناس إذ ذاك الخارجون عن هذا الكمال قسمين:

إما كافر: من اليهود والنصارى، لم يقبل هدى الله.

وإما غيرهم: من العجم، الذين لم يشركوهم فيما فطروا عليه، وكان (١) عامة العجم حينئذ (٢) كفارا من: الفرس والروم، فجاءت الشريعة باتباع أولئك السابقين على الهدى الذي رضيه الله لهم، وبمخالفة من سواهم، إما لمعصيته وإما لنقيصته، وإما لأنه مظنة النقيصة.

فإذا نهت الشريعة عن مشابهة الأعاجم؛ دخل في ذلك ما عليه الأعاجم الكفار، قديما وحديثا، ودخل فيه (٣) ما عليه الأعاجم المسلمون، مما لم يكن عليه السابقون الأولون، كما يدخل في مسمى الجاهلية العربية ما كان عليه أهل الجاهلية قبل الإسلام، وما عاد إليه كثير من العرب من الجاهلية التي كانوا عليها.

ومن تشبه من العرب بالعجم لحق بهم، ومن تشبه من العجم بالعرب لحق بهم، ولهذا كان الذين تناولوا العلم والإيمان من أبناء فارس، إنما حصل ذلك بمتابعتهم للدين الحنيف، بلوازمه من العربية وغيرها. ومن نقص (٤) من العرب إنما هو بتخلفهم عن هذا، وإما بموافقتهم للعجم، فيما السنة أن يخالفوا فيه، فهذا وجه (٥) .

وأيضا فإن الله تعالى لما أنزل كتابه باللسان العربي، وجعل رسوله مبلغا


(١) في (ج د) : وكانت.
(٢) في (ج د) : (حينئذ) رمز لها بـ: ح.
(٣) في (ب ط) : في ذلك.
(٤) في (ب) : نقض.
(٥) في المطبوعة: فهذا أوجه. وهو خلاف النسخ المخطوطة. وملخص هذا الوجه: أن العربي ملازمة للدين الحنيف - الإسلام - فالعرب هم السابقون للإسلام، ومن لحقهم من الفرس والروم وغيرهم واعتنق الإسلام وتمسك به؛ دخل معهم في الفضل وإن لم يكن عربي النسب. ومن تخلف عن الإسلام، أو أخل ببعض أحكامه، ووافق العجم فيما يخالف شعائر الإسلام وهديه؛ فإنه ينقص فضله وإن كان عربي النسب. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>