للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنهى سبحانه على لسان رسوله عن نوعي الاستطالة على الخلق، وهي: الفخر والبغي؛ لأن المستطيل إن استطال بحق فقد افتخر، وإن كان بغير حق فقد بغى، فلا يحل لا هذا ولا هذا، فإن كان الرجل من الطائفة الفاضلة، مثل: أن يذكر فضل بني هاشم أو قريش أو العرب أو بعضهم، فلا يكن حظه استشعار فضل نفسه، والنظر إلى ذلك، فإنه مخطئ في هذا؛ لأن فضل الجنس لا يستلزم فضل الشخص كما قدمناه، فرب حبشي أفضل عند الله من جمهور قريش، ثم هذا النظر يوجب نقصه وخروجه عن الفضل، فضلا عن أن يستعلي بهذا، أو يستطيل.

وإن كان من الطائفة الأخرى، مثل العجم، أو غير قريش، أو غير بني هاشم، فليعلم أن تصديقه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخبر وطاعته فيما أمر، ومحبة من أحبه الله، والتشبه بمن فضل الله، والقيام بالدين الحق، الذي بعث الله به محمدا؛ يوجب له أن يكون أفضل من جمهور الطائفة المفضلة، وهذا هو الفضل الحقيقي.

وانظر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حين وضع الديوان، وقالوا له: يبدأ أمير المؤمنين بنفسه فقال: لا (١) ولكن ضعوا عمر حيث وضعه الله. فبدأ بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم (٢) من يليهم، حتى جاءت نوبته في بني عدي وهم متأخرون عن أكثر بطون قريش.

ثم هذا الاتباع للحق ونحوه، قدمه على عامة بني هاشم، فضلا عن غيرهم من قريش.


(١) لا: سقطت من (أ) .
(٢) ثم: سقطت من (أ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>