للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان (١) أئمة السنة علما وفقها، والعارفون بالحديث وسائر أمور الإسلام المحض، فيهم أكثر من غيرهم، حتى إنه قيل: إن قضاتهم كانوا من فقهاء الحديث، مثل: صالح بن أحمد بن حنبل، ومثل: أبي بكر بن أبي عاصم، ومن بعدهم، وأنا لا أعلم حالهم بآخرة (٢) .

وكذلك كل مكان أو شخص من أهل فارس، يمدح المدح الحقيقي: إنما يمدح لمشابهته السابقين، حتى قد يختلف في (٣) فضل شخص على شخص، أو قول على قول، أو فعل على فعل؛ لأجل اعتقاد كل من المختلفين أن هذا أقرب إلى طريق السابقين الأولين، فإن الأمة مجمعة على هذه القاعدة وهي: فضل طريقة العرب السابقين، وأن الفاضل من تبعهم، وهو المطلوب هنا.

وإنما يتم الكلام بأمرين: أحدهما: أن الذي يجب على المسلم إذا نظر في الفضائل، أو تكلم فيها، أن يسلك سبيل العاقل الدين، الذي غرضه أن يعرف الخير، ويتحراه جهده، وليس غرضه الفخر على أحد، ولا الغمص (٤) من أحد، فقد روى مسلم في صحيحه عن عياض بن حمار المجاشعي (٥) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه أوحي إلي أن تواضعوا، حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد» (٦) .


(١) في (ج د) : وكانت.
(٢) يعني آخر الأمر في العصور التي تلت عصور التابعين.
(٣) من هنا حتى قوله: فضل طريق العرب (سطران تقريبا) : (ساقطة من (ط) .
(٤) في (ط) وفي المطبوعة: الغمض. وكلاهما بمعنى واحد: فالغمص هو: الاستصغار، يقال: غمصه: إذا استصغره ولم يره شيئا. والغمض هو: الازدراء.
راجع: مختار الصحاح، مادة (غ م ص) ، (ص ٤٨١) ، ومادة (غ م ض) أيضا.
(٥) صحابي جليل، سكن البصرة وعاش إلى حدود سنة (٥٠ هـ) . انظر: التقريب (٢ / ٩٠) .
(٦) انظر: صحيح مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار، الحديث رقم (٢٨٦٥) الخاص رقم (٦٤) في الباب. والحديث طويل هذا جزء منه، ومطلع هذه العبارة: "وإن الله أوحى إلي. . " إلخ كما ذكر هنا (٤ / ٢١٩٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>