للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المكوس (١) الموضوعة، ولا إلى العقوبات الجائرة، ولا إلى من يحفظهم من العبيد والمستعبدين، كما كان الخلفاء الراشدون، وعمر بن عبد العزيز وغيرهم من أمراء بعض الأقاليم.

وكذلك العلماء: إذا أقاموا كتاب الله وفقهوا ما فيه من البينات التي هي حجج الله، وما فيه من الهدى، الذي هو العلم النافع والعمل الصالح، وأقاموا حكمة الله التي بعث (٢) بها رسوله صلى الله عليه وسلم -وهي سنته- لوجدوا فيها من أنواع العلوم النافعة ما يحيط بعلم عامة الناس، ولميزوا (٣) حينئذ بين المحق والمبطل من جميع الخلق، بوصف الشهادة التي (٤) جعلها الله لهذه الأمة، حيث يقول عز وجل: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: ١٤٣] (٥) ولاستغنوا بذلك عما ابتدعه المبتدعون، من الحجج الفاسدة، التي يزعم الكلاميون (٦) أنهم ينصرون بها أصل الدين، ومن الرأي الفاسد الذي يزعم القياسيون (٧) أنهم يتمون (٨) به فروع (٩) الدين، وما كان من الحجج صحيحا ومن الرأي سديدا، فذلك له أصل في كتاب الله


(١) المكوس: هي الضرائب. خاصة تلك التي تأخذها الدول على البضائع الواردة من خارجها، وهي أموال مسلمين، وتسمى اليوم (الجمارك) .
(٢) في (أ) : بعث الله بها.
(٣) في (ب) : ليميزوا.
(٤) في (أب ط) : الذي جعله الله.
(٥) سورة البقرة: من الآية ١٤٣.
(٦) الكلاميون: هم أهل الكلام والفلسفة الذين يخوضون في العقيدة وأمور الغيب وأسماء الله وصفاته بكلام يخترعونه من عندهم لم ينزله الله ولم يؤثر عن أنبيائه، كالجهمية والمعتزلة وبعض الأشاعرة والفلاسفة وأكثر الصوفية.
(٧) في (أط) : القياسون: وقد عرفتهم من قبل. ولعل المؤلف هنا ذم أولئك الذين يتوسعون بالأخذ بالقياس ويستهينون بالنصوص من الفقهاء ونحوهم.
(٨) في (ب) : متمون.
(٩) في (ط) : فروج.

<<  <  ج: ص:  >  >>