للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما إذا رأينا الشارع قد حكم بحكم ولم يذكر علته، لكن قد ذكر علة نظيره، أو نوعه. مثل: أنه جوز للأب أن يزوج ابنته الصغيرة البكر بلا إذنها. وقد رأيناه جوز له الاستيلاء على مالها لكونها صغيرة، فهل (١) يعتقد أن علة ولاية النكاح هي الصغر -مثلا-؟ كما أن ولاية المال كذلك، أم نقول: بل قد يكون للنكاح علة أخرى، وهي البكارة، -مثلا-؟ فهذه العلة هي المؤثرة، أي قد بين الشارع تأثيرها في حكم منصوص، وسكت عن بيان تأثيرها في نظير ذلك الحكم. فالفريقان الأولان يقولان بها، وهو في الحقيقة إثبات للعلة (٢) بالقياس، فإنه يقول كما أن هذا الوصف أثر في الحكم في ذلك المكان، كذلك يؤثر في هذا المكان.

والفريق الثالث لا يقول بها، إلا بدلالة خاصة، لجواز أن يكون النوع الواحد من الأحكام له علل مختلفة. ومن هذا النوع: أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن أن يبيع الرجل على بيع أخيه، أو يستام (٣) الرجل على سوم أخيه، أو يخطب الرجل على خطبة أخيه (٤) . فيعلل ذلك بما فيه من فساد ذات البين، كما علل به في قوله: «لا تنكح المرأة على عمتها، ولا على خالتها، فإنكم إذا فعلتم ذلك


(١) في (أ) : فهلا.
(٢) في (ج د) : العلة.
(٣) في المطبوعة: يسوم.
(٤) ورد في ذلك أحاديث كثيرة، فقد أخرج البخاري عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم أن يبيع حاضر لباد، ولا تناجشوا، ولا يبيع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه. .) الحديث رقم (٢١٤٠) من فتح الباري (٤ / ٣٥٣) . وجاء النهي عن هذه الأمور في أحاديث في صحيح مسلم. انظر: الحديث رقم (١٤١٢) عن ابن عمر، الحديث رقم (١٥١٥) ، عن أبي هريرة (٣ / ١١٥٤، ١١٥٥) ، وكلها بروايات وألفاظ متعددة.

<<  <  ج: ص:  >  >>