للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قطعتم أرحامكم» (١) وإن كان هذا المثال يظهر التعليل فيه، ما لا يظهر في الأول، فإنما ذاك لأنه لا يظهر فيه وصف مناسب للنهي إلا هذا.

والسبر دليل خاص على العلة، ونظيره من كلام الناس أن يقول: لا تعط هذا الفقير؛ فإنه مبتدع، ثم يسأله فقير آخر مبتدع، فيقول: لا تعطه، وقد (٢) يكون ذلك الفقير عدوًا له (٣) فهل يحكم بأن العلة هي البدعة، أم يتردد لجواز أن تكون العلة هي العداوة؟ .

وأما إذا رأينا الشارع قد حكم بحكم، ورأينا فيه وصفا مناسبا له، لكن الشارع لم يذكر تلك العلة، ولا علل بها نظير ذلك الحكم في موضع آخر، فهذا هو الوصف المناسب الغريب؛ لأنه لا نظير له في الشرع، ولا دل كلام الشارع وإيماؤه عليه. فيجوز اتباعه الفريق الأول. ونفاه الآخران، وهذا إدراك لعلة الشارع بنفس عقولنا من غير دلالة منه، كما أن الذي قبله إدراك لعلته بنفس القياس على كلامه. والأول إدراك لعلته بنفس كلامه. ومع هذا: فقد تعلم علة الحكم المعين بالسبر (٤) وبدلالات أخرى.


(١) أخرج مسلم في صحيحه، عن أبي هريرة، صدر هذا الحديث: (لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها) ، الحديث رقم (١٤٠٨) ، رقم (٣٧) من كتاب النكاح، باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح (٢ / ١٠٢٩) من طرق وألفاظ متعددة.
(٢) وقد: سقطت من (أب ط) .
(٣) من هنا حتى قوله: ورأينا فيه وصفًا مناسبًا (سطر ونصف تقريبًا) : سقطت من (ط) .
(٤) في المطبوعة: بالصبر. ولعله خطأ مطبعي. والسبر: قال في القاموس المحيط: (السبر امتحان غور الجرح، وغيره) ، فالسبر هو: الاختبار والمتابعة. والأصوليون يعرفون السبر والتقسيم بقولهم: (حصر الأوصاف وإبطال ما لا يصلح) . انظر: القاموس المحيط، فصل السين، باب الراء (٢ / ٤٥) ، وشرح الكوكب المنير (ص٣٠٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>