للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك تلقي رمضان، قد يتوهم أن فيه فضلًا، لما فيه من الاحتياط للصوم، ولا فضل فيه في الشرع، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تلقيه لذلك.

وهذا المعنى موجود في مسألتنا، فإن الناس قد (١) يخصون هذه المواسم لاعتقادهم فيها فضيلة. ومتى كان تخصيص الوقت بصوم، أو بصلاة، قد يقترن باعتقاد فضل ذلك، ولا فضل فيه، نهي عن التخصيص، إذ لا ينبعث التخصيص إلا عن اعتقاد الاختصاص.

ومن قال: إن الصلاة أو الصوم في هذه الليلة كغيرها، هذا اعتقادي ومع ذلك فأنا (٢) أخصها، فلا بد أن يكون باعثه: إما موافقة (٣) غيره، وإما اتباع العادة، وإما خوف اللوم له، ونحو ذلك، وإلا فهو كاذب.

فالداعي (٤) إلى هذا العمل لا يخلو قط من أن يكون ذلك الاعتقاد الفاسد (٥) أو باعثًا آخر غير ديني، وذلك الاعتقاد ضلال. فإنا قد علمنا يقينًا أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسائر الأئمة، لم يذكروا في فضل هذا اليوم والليلة ولا في فضل صومه بخصوصه، وفضل قيامها بخصوصها حرفًا واحدًا. وأن الحديث المأثور فيها موضوع، وأنها إنما حدثت في الإسلام بعد المائة الرابعة، ولا يجوز -والحال هذه- أن يكون لها فضل، لأن ذلك الفضل إن لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه ولا التابعون، ولا سائر الأئمة، امتنع أن نعلم نحن من الدين الذي يقرب إلى الله ما لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة، والتابعون وسائر الأئمة.


(١) قد: سقطت من (أد ط) .
(٢) في (ج) : فإذا خصها.
(٣) في المطبوعة: تقليد.
(٤) في (أ) : كالداعي.
(٥) في (أب) : الاعتقاد فاسدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>