للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وقسم إنما نهي عن تخصيصه: كيوم الجمعة، وسرر (١) شعبان.

فهذا النوع لو صيم مع غيره لم يكره، فإذا خصص بالفعل نهي عن ذلك، سواء قصد الصائم التخصيص أو (٢) لم يقصده، وسواء اعتقد الرجحان، أو لم يعتقده.

ومعلوم أن مفسدة هذا العمل لولا أنها موجودة في التخصيص دون غيره، لكان إما أن ينهى عنه مطلقًا: كيوم العيد، أو لا ينهى عنه كيوم عرفة (٣) وعاشوراء (٤) وتلك المفسدة ليست موجودة في سائر الأوقات (٥) وإلا لم يكن للتخصيص بالنهي فائدة.

فظهر أن المفسدة تنشأ من تخصيص ما لا خصيصة له، كما أشعر به لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن نفس الفعل المنهي عنه، أو المأمور به، قد يشتمل على حكمة الأمر أو النهي، كما في قوله: «خالفوا المشركين» (٦) .

فلفظ النهي عن الاختصاص لوقت بصوم أو صلاة يقتضي أن الفساد ناشئ من جهة الاختصاص. فإذا كان يوم الجمعة يومًا فاضلًا، يستحب فيه من الصلاة والدعاء والذكر والقراءة والطهارة والطيب والزينة ما لا يستحب في غيره-كان ذلك في مظنة أن يتوهم أن صومه أفضل من غيره (٧) ويعتقد أن قيام ليلته كالصيام في نهاره، لها فضيلة على قيام غيرها من الليالي، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التخصيص دفعًا لهذه المفسدة، التي لا تنشأ إلا من التخصيص.


(١) سرر شعبان: أواخره أو آخر ليلة منه. انظر: مختار الصحاح، مادة (سرر) ، (ص٢٩٥) .
(٢) من هنا حتى قوله: (دون غيره) بعد سطرين تقريبًا، سقط من (أ) .
(٣) يوم عرفة: سقطت من (ج ط) .
(٤) وعاشوراء: سقطت من (أ) والمطبوعة.
(٥) في (ب) : الآفات.
(٦) الحديث مر: انظر: فهرس الأحاديث.
(٧) في (أ) : زاد: كان. وهو خلط من الناسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>