للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من صنعة الأطعمة، وإظهار الزينة، ونحو ذلك حتى يكون هذا اليوم بمنزلة غيره من الأيام، وحتى لا يكون له مزية أصلًا.

وكذلك يوم آخر في وسط رجب، يصلى فيه صلاة تسمى صلاة أم داود (١) فإن تعظيم هذا اليوم لا أصل له في الشريعة أصلًا.

النوع الثاني (٢) ما جرى فيه حادثة كما كان يجري في غيره، من غير أن يوجب ذلك جعله موسمًا، ولا كان السلف يعظمونه: كثامن عشر ذي الحجة الذي خطب النبي صلى الله عليه وسلم فيه بغدير خم مرجعه من حجة الوداع، فإنه صلى الله عليه وسلم خطب فيه خطبة وصى فيها باتباع كتاب الله، ووصى فيها بأهل بيته كما روى ذلك مسلم في صحيحه (٣) عن زيد بن أرقم رضي الله عنه (٤) . فزاد بعض أهل الأهواء في ذلك حتى زعموا أنه عهد إلى علي رضي الله عنه بالخلافة بالنص الجلي، بعد أن فرش له، وأقعده على فراش عالية، وذكروا كلامًا وعملًا قد علم بالاضطرار أنه لم يكن من ذلك شيء، وزعموا أن الصحابة تمالئوا على كتمان هذا النص، وغصبوا الوصي حقه، وفسقوا وكفروا، إلا نفرًا قليلًا.


(١) لعلها الصلاة المذكورة في ليلة النصف من رجب. انظر: اللآلئ المصنوعة (٢ / ٥٧) .
(٢) يعني من الأعياد الزمانية.
(٣) جاء ذلك في حديث طويل أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، الحديث رقم (٢٤٠٨) ، (٤ / ١٨٧٣) ، وقد جاء فيه: (وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي) كررها ثلاث مرات.
(٤) هو الصحابي الجليل: زيد بن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان الخزرجي، حضر الخندق ـ وهي أول مشاهده ـ مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لأنه يوم أحد استصغره ورده، وشهد سبع عشرة غزوة. وهو الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم بقول المنافق عبد الله بن أبي " لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ " وأنزل الله تصديقه في سورة المنافقون، وشهد صفين مع علي، ومات بالكوفة سنة (٦٦هـ) . انظر: الإصابة (١ / ٥٦٠) ، (ت٢٨٧٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>