للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعادة التي جبل الله عليها بني (١) آدم، ثم ما كان القوم عليه من الأمانة (٢) والديانة، وما أوجبته شريعتهم من بيان الحق يوجب العلم اليقيني بأن مثل هذا ممتنع (٣) كتمانه.

وليس الغرض الكلام في مسألة الإمامة، وإنما الغرض أن اتخاذ هذا اليوم عيدًا محدث لا أصل له، فلم يكن في السلف لا من أهل البيت ولا من غيرهم-من اتخذ ذلك اليوم عيدًا، حتى يحدث فيه أعمالًا. إذ الأعياد شريعة من الشرائع، فيجب فيها الاتباع، لا الابتداع.

وللنبي صلى الله عليه وسلم خطب وعهود ووقائع في أيام متعددة: مثل يوم بدر، وحنين، والخندق، وفتح مكة، ووقت هجرته، ودخوله المدينة، وخطب له متعددة يذكر فيها قواعد الدين. ثم لم يوجب ذلك أن يتخذ أمثال تلك الأيام أعيادًا. وإنما يفعل مثل هذا النصارى الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى عليه السلام أعيادًا، أو اليهود، وإنما العيد شريعة، فما شرعه الله اتبع. وإلا لم يحدث في الدين ما ليس منه.

وكذلك ما يحدثه بعض الناس، إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم، وتعظيمًا. والله قد يثيبهم (٤) على هذه المحبة والاجتهاد، لا على البدع- من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدًا. مع اختلاف الناس في مولده. فإن هذا لم يفعله السلف، مع قيام المقتضي له وعدم المانع منه لو كان خيرًا. ولو كان هذا خيرًا (٥) محضا، أو راجحًا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمًا له منا، وهم على الخير أحرص.


(١) في (أ) : بنو.
(٢) قوله: من الأمانة والديانة: سقط من (أد ط) .
(٣) في (ج د) : يمتنع.
(٤) في (ب) : يثبتهم.
(٥) في المطبوعة: اختلاف في العبارة. راجع: (ص٢٩٥) سطر (٢) من المطبوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>