للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره، وإحياء سنته باطنًا وظاهرًا، ونشر ما بعث به، والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان. فإن هذه (١) طريقة السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان. وأكثر هؤلاء الذين تجدهم حراصًا (٢) على أمثال هذه البدع، مع ما لهم من حسن القصد، والاجتهاد الذين (٣) يرجى لهم بهما المثوبة، تجدهم فاترين في (٤) أمر الرسول، عما أمروا بالنشاط فيه، وإنما هم بمنزلة من يحلي المصحف ولا يقرأ فيه، أو يقرأ فيه ولا يتبعه وبمنزلة من يزخرف المسجد، ولا يصلي فيه، أو يصلي فيه قليلًا، وبمنزلة من يتخذ المسابيح (٥) والسجادات المزخرفة، وأمثال هذه الزخارف الظاهرة التي لم تشرع، ويصحبها من الرياء والكبر، والاشتغال عن المشروع ما يفسد حال صاحبها، كما جاء في الحديث: «ما ساء عمل أمة قط إلا زخرفوا مساجدهم» (٦) .

واعلم أن من الأعمال ما يكون فيه خير، لاشتماله على أنواع من المشروع، وفيه أيضًا شر، من بدعة وغيرها، فيكون ذلك العمل


(١) في (ب) : هذا.
(٢) في المطبوعة: حرصاء.
(٣) كذا في (ط) : (الذين) ، ولعل المراد (اللَّذَين) للمثنى. وفي باقي النسخ: (الذي) .
(٤) في (ب) : عن. وفي (ط) : من.
(٥) المسابيح جمع مسبحة، وسبحة، وهي خرزات يُسبَّح بها. انظر: مختار الصحاح، مادة (س ب ح) ، (ص٢٨٢) ، ويزعم الذين يستخدمون المسابيح أنها تعينهم على ضبط عد التسبيح والذكر، لكن المتصوفة يضيفون عليها شيئًا من القداسة والتبرك والاعتقادات الباطلة، ويكاد بعضهم لا يذكر الله ويسبحه دون اصطحابها، مع أنها مبتدعة لا أصل لها في دين الله، لا سيما إذا اعتقد فيها فضيلة.
(٦) الحديث أخرجه ابن ماجه، في كتاب المساجد، باب تشييد المساجد، الحديث رقم (٧٤١) ، (١ / ٢٤٤، ٢٤٥) ، وقال السيوطي في الجامع الصغير (٢ / ٤٩٧) : (حديث حسن) ، الحديث رقم (٧٩١٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>