للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البقيع والشهداء للدعاء لهم والاستغفار، فهذا المعنى يختص (١) بالمسلمين دون الكافرين. فهذه الزيارة وهي زيارة القبور، لتذكر الآخرة، أو لتحيتهم والدعاء لهم، هو الذي جاءت به السنة، كما تقدم.

وقد اختلف أصحابنا وغيرهم، هل يجوز السفر لزيارتها؟ على قولين:

أحدهما: لا يجوز، والمسافرة لزيارتها معصية، ولا يجوز قصر الصلاة فيها، وهذا قول ابن بطة وابن عقيل، وغيرهما؛ لأن هذا السفر بدعة، لم يكن في عصر السلف، وهو مشتمل على ما سيأتي من معاني النهي، ولأن في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا» (٢) .

وهذا النهي يعم السفر إلى المساجد والمشاهد، وكل مكان يقصد السفر إلى عينه للتقرب (٣) بدليل أن بصرة بن أبي بصرة الغفاري (٤) لما رأى أبا هريرة راجعًا من الطور الذي كلم الله عليه موسى (٥) قال: لو رأيتك قبل أن تأتيه لم تأته لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد» (٦) .


(١) في (ب) : تخصيص للمسلمين.
(٢) الحديث مر. انظر: فهرس الأحاديث.
(٣) في المطبوعة زاد: والعبادة.
(٤) هو الصحابي الجليل: بصرة بن أبي بصرة، جميل بن بصرة بن وقاص الغفاري، له ولأبيه صحبة. انظر: تهذيب التهذيب (١ / ٤٧٣) ، (ت٨٧٦) .
(٥) في (ب) : الذي كلم الله موسى عليه.
(٦) جاء ذلك في حديث طويل أخرجه مالك في الموطأ، كتاب الجمعة، باب ما جاء في الساعة التي في يوم الجمعة، الحديث رقم (١٦) ، (ص١٠٨ - ١١٠) وفي لفظه: " لا تعمل المطي إلا ثلاثة مساجد"؛ وأخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة (٣ / ١١٣ - ١١٦) وبلفظ: " لا تعمل المطي " أيضا. وإسناد الحديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>