للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن من الفقهاء من اعتقد أن سبب كراهة الصلاة في المقبرة ليس إلا كونها مظنة النجاسة، لما يختلط بالتراب من صديد الموتى، وبنى على هذا الاعتقاد الفرق بين المقبرة الجديدة والعتيقة، وبين أن يكون بينه وبين التراب حائل، أو لا يكون.

ونجاسة الأرض مانع من الصلاة عليها، سواء كانت مقبرة أو لم تكن، لكن المقصود الأكبر بالنهي عن الصلاة عند القبور ليس هو هذا. فإنه قد بين أن اليهود والنصارى كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، وقال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» يحذر ما فعلوا (١) .

وروي عنه صلى الله عليه وسلم (٢) أنه قال: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (٣) قالت عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجدا (٤) وقال: «إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد (٥) فإني أنهى عن ذلك» (٦) .


(١) الحديث مر. انظر: فهرس الأحاديث.
(٢) في (أط) : وروي عنه اللهم.
(٣) أخرجه مالك في الموطأ، كتاب قصر الصلاة في السفر، باب جامع الصلاة، الحديث رقم (٨٥) ، (١ / ١٧٢) ، ومالك أرسله. لكن رواه أحمد عن أبي هريرة موصولا عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، المسند (٢ / ٢٤٦) .
(٤) مر كلام عائشة قريبا (٢ / ١٨٥) .
(٥) في (ط) : المساجد.
(٦) مر الحديث، وفيه: "قبور أنبيائهم وصالحيهم ". انظر: فهرس الأحاديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>