للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقبوا ذلك. ثم ترك ذلك مسجدًا بعد الفتوح المتأخرة. وكان أهل الفضل من شيوخنا لا يصلون في مجموع تلك البنية، وينهون أصحابهم عن الصلاة فيها، اتباعًا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتقاء لمعصيته، كما تقدم.

وكذلك إيقاد المصابيح في هذه المشاهد مطلقًا، لا يجوز بلا خلاف أعلمه، للنهي الوارد، ولا يجوز الوفاء بما ينذر لها من دهن وغيره، بل موجبه موجب نذر المعصية.

ومن ذلك الصلاة عندها، وإن لم (١) يبن هناك مسجد، فإن ذلك أيضًا اتخاذها مسجدًا، كما قالت عائشة: «ولولا ذلك لأبرز قبره ولكن خشي أن يتخذ مسجدًا» (٢) ولم تقصد عائشة رضي الله عنها مجرد بناء مسجد، فإن الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجدًا، وإنما قصدت أنهم خشوا أن الناس يصلون عند قبره، وكل موضع قصدت الصلاة فيه فقد اتخذ مسجدًا، بل كل موضع يصلى فيه فإنه يسمى مسجدًا (٣) وإن لم يكن هناك بناء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا» (٤) .

وقد روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الأرض كلها مسجد، إلا المقبرة والحمام» رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه والبزار، وغيرهم بأسانيد جيدة (٥) ومن تكلم فيه فما استوفى طرقه.


(١) في (ط) : وإن هناك مسجد. ولعله خطأ من الناسخ.
(٢) قد مر ذلك قريبا.
(٣) في (ب) : زاد: كما أن ما يتطهر به يسمى طهورا. وهو مناسب للسياق، ولكنه لم يرد في النسخ الأخرى.
(٤) جاء ذلك في حديث متفق عليه. انظر: صحيح البخاري، كتاب التيمم، الباب (١) ، الحديث رقم (٣٣٥) من فتح الباري (١ / ٤٣٥، ٤٣٦) ؛ وصحيح مسلم، كتاب المساجد، الحديث رقم (٥٢٣) ، (١ / ٣٧١) .
(٥) مسند أحمد (٣ / ٨٣، ٩٦) ؛ وسنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب المواضع التي لا تجوز فيها الصلاة، الحديث رقم (٤٩٢) ، (١ / ٣٣٠) ؛ وسنن الترمذي، كتاب الصلاة باب ما جاء أن الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام، الحديث رقم (٣١٧) ، (٢ / ١٣١) ؛ وسنن ابن ماجه، كتاب المساجد، باب المواضع التي تكره فيها الصلاة، الحديث رقم (٧٤٥) ، (١ / ٢٤٦) ، وقد أشار المؤلف إلى أن أسانيده جيدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>