للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قد تقدم عند الشافعي ما هو ثابت في كتابه من كراهة تعظيم قبور المخلوقين (١) خشية الفتنة بها، وإنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه ودينه.

وإما أن يكون المنقول من هذه الحكايات عن مجهول لا يعرف، ونحن لو روي لنا مثل هذه الحكايات المسيبة (٢) أحاديث عمن لا ينطق عن الهوى، لما جاز التمسك بها حتى تثبت. فكيف بالمنقول عن غيره؟

ومنها ما قد يكون صاحبه قاله أو فعله، باجتهاد يخطئ ويصيب، أو قاله بقيود وشروط كثيرة على وجه لا محذور فيه، فحرف النقل عنه، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أذن في زيارة القبور بعد النهي (٣) فهم المبطلون أن ذلك هو الزيارة (٤) التي يفعلونها، من حجها للصلاة عندها، والاستغاثة (٥) بها.

ثم سائر هذه الحجج دائرة بين نقل لا يجوز إثبات الشرع به، أو قياس لا يجوز استحباب العبادات بمثله، مع العلم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يشرعها، وتركه (٦) مع قيام المقتضي للفعل بمنزلة فعله، وإنما يثبت العبادات بمثل هذه الحكايات والمقاييس - من غير نقل عن الأنبياء - (٧) النصارى وأمثالهم.

وإنما المتبع في إثبات أحكام الله (٨) كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وسبيل


(١) في المطبوعة: الصالحين.
(٢) المسيبة أي: المهملة السند التي لا أصل لها.
(٣) في المطبوعة: النهي عنها.
(٤) في (أ) : الزيادة.
(٥) في (أ) : والاستعانة.
(٦) في المطبوعة: وتركه لها.
(٧) في المطبوعة: عن أبناء النصارى، والمقصود من كلام المؤلف: أن النصارى وأمثالهم كغلاة المتصوفة والمقبريين هم الذين يثبتون العبادات ويبتدعونها بالحكايات والمنامات والمقاييس والأوهام، وهذه طرق باطلة.
(٨) في المطبوعة: وإنما المتبع عند علماء الإسلام في إثبات الأحكام هو كتاب الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>