للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإجماع المتقدمين نصا واستنباطا، فكيف (١) - والحمد لله - لا ينقل هذا عن إمام معروف، ولا عالم متبع؟

بل المنقول في ذلك إما أن يكون كذبا على صاحبه، مثل ما حكى بعضهم عن الشافعي أنه قال: " إني إذا نزلت بي شدة أجيء فأدعو عند قبر أبي حنيفة فأجاب " أو كلاما هذا معناه. وهذا كذلك معلوم كذبه بالاضطرار عند من له (٢) معرفة بالنقل، فإن الشافعي لما قدم بغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة، بل ولم يكن هذا على عهد الشافعي معروفا، وقد رأى الشافعي بالحجاز واليمن والشام والعراق ومصر من قبور الأنبياء والصحابة والتابعين، من كان أصحابها عنده وعند المسلمين، أفضل من أبي حنيفة، وأمثاله من العلماء. فما باله لم يتوخَّ الدعاء إلا عنده (٣) ؟ ثم أصحاب أبي حنيفة الذين أدركوه، مثل أبي يوسف ومحمد (٤) وزفر (٥) والحسن بن زياد (٦) وطبقتهم، لم يكونوا يتحرون الدعاء، لا عند قبر أبي حنيفة ولا غيره.


(١) في المطبوعة: فكيف وهذا - والحمد لله - لم ينقل هذا عن إمام.
(٢) في المطبوعة: عند من له أدنى معرفة.
(٣) في المطبوعة: إلا عند قبر أبي حنيفة.
(٤) هو: محمد بن الحسن الشيباني. مرت ترجمته. انظر فهرس الأعلام.
(٥) هو: زفر بن الهذيل بن قيس البصري، من كبار تلاميذ أبي حنيفة، وكان هو المقدم في مجلسه، جمع بين الفقه والعبادة. توفي سنة (١٥٨هـ) ، وكانت ولادته سنة (١١٠هـ) ، وهو في الحديث صدوق. انظر: لسان الميزان (٢ / ٤٧٦) ، (ت ١٩١٩) .
انظر: الفوائد البهية في تراجم الحنفية للكنوي (ص ٧٥ - ٧٧) .
(٦) هو: الحسن بن زياد اللؤلؤي الكوفي، صاحب أبي حنيفة، كان فقيها فطنا، ولي القضاء بالكوفة، وهو في الحديث ليس بشيء، بل اتهمه كثير من أئمة الحديث بالكذب، مات سنة (٢٠٤هـ) . انظر لسان الميزان (٢ / ٢٠٨، ٢٠٩) ، (ت ٩٢٧) ؛ والفوائد البهية في تراجم الحنفية (ص ٦٠، ٦١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>