للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلت: وعزتك لا أذهب حتى يخرج لي حوت. فخرج حوت عظيم، أو كما قال. قال: فبلغ ذلك الجنيد، فقال: كنت أحب أن تخرج إليه حية فتقتله.

وكذلك حكي لنا أن بعض المجاورين بالمدينة، جاء إلى عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فاشتهى عليه نوعا من الأطعمة، فجاء بعض الهاشميين إليه، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم بعث لك ذلك (١) وقال لك: اخرج من عندنا، فإن من يكون عندنا لا يشتهي مثل هذا. وآخرون قضيت حوائجهم، ولم يقل لهم مثل (٢) هذا، لاجتهادهم أو تقليدهم، أو قصورهم في العلم، فإنه يغفر للجاهل ما لا يغفر لغيره، كما يحكى عن برخ العابد (٣) الذي استسقى في بني إسرائيل.

ولهذا عامة ما يحكى في هذا الباب، إنما هو عن قاصري المعرفة، ولو كان هذا شرعا ودينا لكان أهل المعرفة أولى به. ولا يقال: هؤلاء لما نقصت معرفتهم ساغ لهم ذلك، فإن الله لم يسوغ هذا لأحد، لكن قصور المعرفة قد يرجى معه العفو والمغفرة.

أما استحباب المكروهات، أو إباحة المحرمات، فلا نفرق بين العفو عن


(١) في المطبوعة: إليك هذا.
(٢) في (أ) : من هذا.
(٣) جاء في كتاب التوابين لابن قدامة (ص ٧٩، ٨٠) ، أنه: أحد عباد بني إسرائيل، طلب منه موسى عليه السلام الاستسقاء، فقال: قدوس قدوس، ما عندك لا يفقد، وخزائنك لا تفنى، وأنت بالبخل لا ترمى، فما هذا الذي لا تعرف به، اسقنا الغيث الساعة الساعة. فانصرفا يخوضان الوحل. نسب ابن قدامة هذه القصة عن ابن البراء في الروضة إلى كعب الأحبار. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>