للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو غيره، وهذا ضلال بين، وشرك واضح، كما أن بعض الناس يمتنع من استدبار الجهة التي فيها بعض (١) الصالحين، وهو يستدبر الجهة التي فيها بيت الله وقبر رسوله صلى الله عليه وسلم وكل هذه الأشياء من البدع التي تضارع دين النصارى.

ومما يبين لك ذلك، أن نفس السلام على النبي صلى الله عليه وسلم قد راعوا فيه السنة، حتى لا يخرج إلى الوجه المكروه الذي قد يجر إلى إطراء النصارى عملًا بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تتخذوا قبري عيدا» (٢) . وبقوله: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، فإنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله» (٣) فكان (٤) بعضهم يسأل عن السلام على القبر خشية أن يكون من هذا الباب، حتى قيل له: إن ابن عمر كان يفعل ذلك.

ولهذا كره مالك رضي الله عنه (٥) وغيره من أهل العلم، لأهل المدينة كلما دخل أحدهم المسجد، أن يجيء فيسلم (٦) على قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه. وقال: " وإنما يكون ذلك لأحدهم إذا قدم من سفر، أو أراد سفرًا ونحو ذلك (٧) .

ورخص بعضهم في السلام عليه إذا دخل المسجد للصلاة ونحوها، وأما قصده دائمًا للصلاة والسلام، فما علمت أحدًا رخص فيه، لأن ذلك النوع من


(١) في المطبوعة: بعض مقدسيهم من الصالحين.
(٢) الحديث مر تخريجه. انظر: فهرس الأحاديث.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ، الحديث رقم (٣٤٤٥) ، (٦ / ٤٨٧) فتح الباري.
(٤) في (أ) : أو كان.
(٥) في (ب) : رحمه الله.
(٦) في (أ) : ويسلم.
(٧) انظر: كتاب (الشفا) للقاضي عياض (٢ / ٨٧، ٨٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>