للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصواب مع جمهور الصحابة؛ لأن متابعة النبي صلى الله عليه وسلم تكون بطاعة أمره، وتكون في فعله، بأن يفعل مثل ما فعل على الوجه الذي فعله، فإذا قصد العبادة في مكان كان قصد العبادة فيه متابعة له، كقصد المشاعر والمساجد. وأما إذا نزل في مكان بحكم الاتفاق لكونه صادف وقت النزول، أو غير ذلك، مما يعلم أنه لم يتحر ذلك المكان، فإذا تحرينا ذلك المكان لم نكن متبعين له، فإن الأعمال بالنيات.

واستحب آخرون من العلماء المتأخرين إتيانها، وذكر طائفة من المصنفين من أصحابنا وغيرهم في المناسك، استحباب زيارة هذه المساجد وعدوا منها مواضع وسموها. وأما أحمد فرخص منها فيما جاء به الأثر من ذلك إلا إذا اتخذت عيدا، مثل أن تنتاب لذلك، ويجتمع عندها في وقت معلوم، كما يرخص في صلاة النساء في المساجد جماعات، وإن كانت بيوتهن خيرا لهن، إلا إذا تبرجن وجمع بذلك بين الآثار، واحتج بحديث ابن أم مكتوم.

ومثله: ما خرجاه في الصحيحين، «عن عتبان بن مالك (١) قال: كنت أصلي لقومي بني سالم، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: إني أنكرت بصري، وإن السيول تحول بيني وبين مسجد قومي، فلوددت أنك جئت فصليت في بيتي مكانا حتى أتخذه مسجدا. فقال: " أفعل إن شاء الله " فغدا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر معه، بعدما اشتد النهار، فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فأذنت له، فلم يجلس حتى قال: " أين تحب أن أصلي من بيتكم (٢) " فأشرت له إلى المكان الذي أحب


(١) هو الصحابي الجليل: عتبان بن مالك بن عمرو بن العجلان، الأنصاري الخزرجي السالمي، ممن شهد بدرا، وهو إمام قومه بني سالم، توفي في خلافة معاوية.
انظر: الإصابة (٢ / ٤٥٢) ، (ت ٥٣٩٦) .
(٢) في المطبوعة: من بيتك، وكذلك في البخاري ومسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>