للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا الباب قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ - وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ} [الرعد: ٣٦ - ٣٧] (١) فالضمير (٢) في (أهوائهم) ، يعود - والله أعلم - إلى ما تقدم ذكره، وهم الأحزاب الذين ينكرون بعضه (٣) فدخل في ذلك كل من أنكر شيئا من القرآن: من يهودي أو نصراني أو غيرهما (٤) وقد قال: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [الرعد: ٣٧] (٥) ومتابعتهم فيما يختصون به من دينهم وتوابع دينهم اتباع لأهوائهم، بل يحصل اتباع أهوائهم بما هو دون ذلك.

ومن هذا أيضا قوله تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: ١٢٠] (٦) .

فانظر كيف قال في الخبر: (مِلَّتَهُمْ) ، وقال في النهي (٧) (أَهْوَاءَهُمْ) ، لأن القوم لا يرضون إلا باتباع الملة مطلقا، والزجر وقع عن اتباع أهوائهم في قليل أو كثير، ومن المعلوم أن متابعتهم في بعض ما هم عليه من الدين نوع متابعة لهم في بعض ما يهوونه، أو مظنة (٨) لمتابعتهم فيما يهوونه، كما تقدم.


(١) سورة الرعد: الآيتان ٣٦، ٣٧.
(٢) في (أد ط) : والضمير.
(٣) في المطبوعة: بعض ما أنزل إليه. وهو مخالف لما في النسخ الأخرى.
(٤) في (ج د) : من يهودي أو نصراني وغيرهما.
(٥) سورة الرعد: من الآية ٣٧، وفي المطبوعة: (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) ، سورة البقرة: من الآية ١٤٥.
(٦) سورة البقرة: من الآية ١٢٠.
(٧) في المطبوعة: وفي النهي.
(٨) في (د) : أو مظنة متابعتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>