للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: ٦٤] (١) أي حسبك وحسب من اتبعك: الله، فهو وحده كافيكم (٢) ومن ظن أن معناها: حسبك الله والمؤمنون، فقد غلط غلطا عظيما من وجوه كثيرة مبسوطة في غير هذا الموضع (٣) .

ثم قال: {وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ} [التوبة: ٥٩] (٤) فجعل الفضل لله، وذكر الرسول في الإيتاء، لأنه لا يباح إلا ما أباحه الرسول، فليس لأحد أن يأخذ ما تيسر له إن لم يكن مباحا في الشريعة.

ثم قال: {إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} [التوبة: ٥٩] (٥) فجعل الرغبة إلى الله وحده، دون ما سواه؛ كما قال (٦) {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ - وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: ٧ - ٨] (٧) فأمر بالرغبة إليه. ولم يأمر الله قط مخلوقا أن يسأل مخلوقا، وإن كان قد أباح في موضع من المواضع ذلك (٨) لكنه لم يأمر به، بل الأفضل للعبد أن لا يسأل قط إلا الله.

كما ثبت في الصحيح في صفة الذين يدخلون الجنة بغير حساب: «هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون» (٩) فجعل


(١) سورة الأنفال: الآية ٦٤.
(٢) في (ب ج د) : كافيهم.
(٣) لعله يشير إلى ما ذكره في مجموع الفتاوى (١ / ٣٠٦) .
(٤) سورة التوبة: من الآية ٥٩.
(٥) سورة التوبة: من الآية ٥٩.
(٦) في المطبوعة: كما قال تعالى في سورة الانشراح.
(٧) سورة الانشراح: الآيتان ٧، ٨.
(٨) في (ج د) : في بعض المواضع ذلك. وفي المطبوعة: ذلك في بعض المواضع.
(٩) صحيح البخاري، كتاب الطب، باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو، حديث رقم (٥٧٠٥) ، (١٠ / ١٥٥) من فتح الباري، وصحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب، حديث رقم (٢١٨) ، (١ / ١٩٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>