الماء منه ورقة بعد ورقة واتّفق أن كان على شطّ ذلك النهر في أسافله بعض الزواني وممرّ الأوراق عليها فكانت تجمعها وتطّلع منها على «رساين» وهو لا يراها إلى أن فنيت الأوراق فأتته سائلة عن سبب فعله بكتابه فأجابها لأنّي لم أنتفع به ولم أصل إلى شيء من أربي وأفلست بسببه بعد الذخائر الجمّة وشقيت بعد الأمل الطويل في نيل السعادة، قالت الزانية: لا تعرض عمّا أفنيت فيه عمرك ولا تيأس عن وجود شيء قد أثبته الحكماء قبلك فربّما كان الحائل بينك وبين الوصول إلى حقيقته أمرا اتّفاقيّا «١» يتّفق زواله أيضا ولي أموال كثيرة معتقدة وكلّها لك مبذولة لتنفقها على ارتياد مطلوبك، فعاد الرجل إلى عمله، وكتب أمثال هذه الفنون مرموزة فكان يقع له في نسخة الدواء غلط من جهة اللغة في الدهن ودم الإنسان يحتاج إليهما فيه فإنّ المكتوب «ركتامل» ويظنّهما أملجا أحمر ويستعمله فيخلف الدواء ولا ينجح فلمّا أخذ في طبخ الأدوية أصابت النار رأسه ويبست دماغه فتدهّن بدهن أكثر صبّه على الهامة وقام من عند المستوقد لشغل فوافق سمت رأسه من عوارض السقف وتد ناتئ فشجّه بالصدمة وأدماه وعاد مطرقا للألم الذي عراه وتقطّر من يافوخه إلى الطنجير قطرات دم ممزوجة بدهن وهو لا يفطن لذلك إلى أن أدرك الطبيخ واطّلى به للامتحان هو والمرأة فطارا في الهواء وأخبر «بكرمادت» بذلك فخرج من قصره إلى الميدان ليعاينهما فناداه الرجل: أفتح فمك لبزاقي، فلم يفعل الملك ذلك أنفة ووقع البزاق عند الباب فامتلأت السدّة ذهبا وذهب هو مع المرأة إلى حيث أراد طائرا وعمل في هذا الفنّ كتبا مشهورة وهو معها إلى الآن حتى لم يمت زعموا؛ ومن مشابه هذا الحديث أنّ في مدينة «دهار» قصبة «مالوا» التي يملكها في زماننا «بجديو» على باب الوالي في دار الامارة قطعة فضّة خالصة مربّعة مستطيلة فيها تخاييل أعضاء الإنسان وقد ذكروا في أمرها أنّ رجلا قصد ملكا كان لهم في مواضي الأزمنة برساين إذا عملها بقي حيّا لا يموت مظفّرا لا يغلب قادرا على ما يروم