ويطلب فاستخلى الملك موعده وأمر بإحضار جميع ما طلبه وأخذ الرجل في إغلاء دهن أيّاما حتى بلغ قوامه وقال للملك: ارم بنفسك فيه حتى أتمّم لك الأمر، فهال الملك ما رأى وكاع عن الغرر بنفسه فلمّا أحسّ الرجل بفشله قال له: فإن كنت لا تجترىء عليه ولا تريده لنفسك فهل ترضاه لي حتى أفعله بنفسي، قال الملك:
ذاك إليك، فأخرج الرجل صرر أدوية وعرّفه علامات تظهر منه ليلقي عليه عند ظهور كلّ واحدة صرّة منها معيّنة وقام الرجل إلى الدهن وتردّى فيه فتفسّخ وتهرّأ وأخذ الملك يفعل ما مثّله له إلى أن قرب التمام وبقيت صرّة غير ملقاة فأشفق الملك منه على ملكه إذا انبعث كما ذكر فتوقّف عن إلقاء الصرّة وبرد القدر والرجل مجتمع فيها وهو تلك النقرة؛ ويتحدّثون في «بلب» ملك مدينة «بلبه» وقد ذكرنا تأريخه في بابه أنّ رجلا ممّن نال مرتبة «السدّيّة» كان سأل بعض الرعاة عن نبات يسمّى «توهر» وهو من جملة اليتوعات التي تسيل لبنا عند القطف هل شاهد منه ما يسيل دما بدل اللبن؟ فقال: نعم، ورضخه الرجل بشيء ليدلّه عليه ففعل وحين رآه أشعل النار فيه ورمى بكلب الراعي إليها فحرد الراعي وأخذ الرجل وفعل به وفعله بكلبه وتربّص إلى خمود النار ووجد كليهما ذهبيّين فأخذ كلبه وترك الرجل فعثر عليه بعض الرستاقيّة وقطع إصبعه وأتى بها إلى بقّال كان يلقّب برنك «١» أي الفقير إذ كان أشدّ المقترين إقتارا وأظهرهم إدبارا واشترى منه ما احتاج إليه وعاد إلى الرجل الذهبيّ فوجد إصبعه قد نبتت وعادت إلى حالها فأخذ يقطعها ويشتري بها من ذلك البقّال ما يريد حتى استعلمه البقّال أمرها فدلّه بحماقته عليها وعمد «رنك «١» » إلى بدن «السدّ» فحمله على عجلة إلى داره واستغنى بمكانه حتى أنّه استولى على أملاك البلد وطمع «بلب» الملك فيه وطالبه بمال فامتنع عليه ثمّ خاف احتقاده فلجأ إلى صاحب «المنصورة» وبذل له أموالا واستنجده بجيش الماء في السفن فأجابه إلى ذلك وأنجده فبيّت بلب الملك وقتله وأتى على قومه وخرّب بلده فيقال