المشرقيّ فإنّه يدخل في برّ الشمال دخول ذلك البرّ في الجنوب وربّما أمعن بأغباب منه وأخوار إليه، وهذا البحر يسمّى في أكثر الأحوال باسم ما فيه أو ما يحاذيه ونحن نحتاج منه إلى ما يحاذي أرض الهند فيسمّى بهم؛ وبعد ذلك فتصوّر في المعمورة جبالا شاهقة متّصلة كأنّها فقار ظهر فيها تمتدّ في أواسط عروضها على الطول من المشرق إلى المغرب فتمرّ على «الصين» و «التبّت» و «الأتراك» ثمّ «كابل» و «بذخشان» و «طخارستان» و «باميان» و «الغور» و «خراسان» و «الجبل» و «أذربيجان» و «أرمينية» و «الروم» و «فرنجة» و «الجلالقة» ، ولها في امتدادها عرض ذو مسافة وانعطافات تحيط ببراريّ وسكّان فيها ويخرج منها أنهار إلى كلتي الجهتين، وأرض الهند من تلك البراريّ يحيط بها من جنوبها بحرهم المذكور ومن سائر الجهات تلك الجبال الشوامخ، وإليها مصابّ مياهها بل لو تفكّرت عند المشاهدة فيها وفي أحجارها المدملكة الموجودة إلى حيث يبلغ الحفر عظيمة بالقرب من الجبال وشدّة جريان مياه الأنهار وأصغر عند التباعد وفتور الجري ورمالا عند الركود والاقتراب من المغايض والبحر لم تكد تصوّر أرضهم إلّا بحرا في القديم قد انكبس بحمولات السيول، وواسطتها هي ما حول بلد «كنوج» ويسمّونها «مدّديش» أي واسطة الممالك وذلك من جهة المكان لأنّها فيما بين البحر والجبل وفيها بين الجروم والصرود وفيما بين حدّيها الشرقيّ والغربيّ ومن جهة الملك فقد كان كنوج مسكن عظمائهم الجبابرة الفراعنة، وأرض «السند» منها في غربها والوصول من عندنا إلى السند من أرض «نيمروز» أعنى أرض «سجستان» وإلى الهند من جانب «كابل» على أنّ ذلك ليس بواجب فالوصول إليها ممكن من كلّ صقع عند ارتفاع العوائق، ويكون في الجبال المحيطة بأرضهم قوم منهم أو مقاربون إيّاهم متمرّدون إلى الحدود التي ينقطع عندها جنسهم، وبلد كنوج موضوع على غرب نهر «كنك» كبير جدّا وأكثره الآن خراب معطّل لزوال مقرّ الملك عنه إلى بلد «باري» وهو في شرق كنك وبينهما مسيرة ثلاثة أيّام أو أربعة، وكما أنّ «كنوج» اشتهر بأولاد «پاندو» كذلك اشتهرت مدينة