في الدعاء بأن يقولوا: يا أبانا الذي في السماء ويخبرهم في نعي نفسه إليهم بأنّه ذاهب إلى أبيه وأبيهم ويفسّر ذلك بقوله في أكثر كلامه عن نفسه: إنّه ابن البشر، وليست النصارى على هذا وحدها ولكنّ اليهود تشركها فإنّ في سفر الملوك: إنّ الله تعالى عزّى داود على ابنه المولود له من امرأة «أوريا» ووعده منها ابنا يتبنّاه، فإذا جاز بالتبنّي بالعبريّ أن يكون سليمان ابنا جاز أن يكون المتبنّي أبا، و «المنّانيّة» تشابه النصارى من أهل الكتاب وصاحبهم «ماني» يقول في هذا المعنى في كتاب «كنز الأحياء» : إنّ الجنود النيّرين يسمّون أبكارا وعذارى وآباء وأمّهات وأبناء وإخوة وأخوات لما جرى به الرسم في كتاب الرسل، وليس في بلدة السرور ذكر ولا أنثى ولا أعضاء سفاد وكلّهم حاملون للأجساد الحيّة والأبدان الالهوت لا يختلفون بضعف وقوّة ولا طول وقصر ولا صورة ومنظر كالسرج المتشابهة المسرجة من سراج واحد، موادّ أغذيتهم واحدة، وإنّما سبب تلك التسمية تعاني «١» المملكتين، فالسفليّة المظلمة لمّا نهضت من غورها ورأتها الملكوت العالية النيّرة أزواجا ذكرانا وإناثا صوّرت أبناءها الظاعنين إلى الحرب من ظاهر بصور كذلك فأقامت «٢» كل جنس بإزاء جنسه؛ والخواصّ من الهند يأبون هذه الأوصاف وعوامّهم وكلّ من كان في فروع النحلة يفرطون في إطلاقها ويتجاوزون المقدار المذكور إلى الزوجة والابن والابنة والإحبال والإيلاد وسائر الأحوال الطبيعية ولا يتحاشون عن التجازف في ذكرها، ولا معتبر عليهم ومذاهبهم وإن كثرت فإنّ قطبها ما عليه البراهمة وقد رشّحوا لحفظه وإقامته وهو الّذي نحكيه ونقول: إنّهم يذهبون في الموجود إلى أنّه شيء واحد على مثل ما تقدّم فإنّ «باسديو» يقول في الكتاب المعروف «بكيتا» :
أمّا عند التحقيق فجميع الأشياء إلهية لأنّ «بشن» جعل نفسه أرضا ليستقرّ الحيوان