عليها وجعله ماء ليغذّيهم وجعله نارا وريحا لينميهم وينشئهم وجعله قلبا لكلّ واحد منهم ومنح الذكر والعلم وضدّيهما على ما هو مذكور في «بيذ» ، وما أشبه قول صاحب كتاب «بليناس» في علل الأشياء بهذا وكأنّه مأخوذ منه: إنّ في الناس كلّهم قوّة إلهيّة بها تعقل الأشياء بالذات وبغير الذات كما سمّى بالفارسيّة «خذا» بغير ذات واشتق للانسان من ذلك اسم؛ فأمّا الّذين يعدلون عن الرموز إلى التحقيق فإنّهم يسمّون النفس «بورش» ومعناه الرجل بسبب أنّها الحيّ في الموجود ولا يرون منها غير الحياة ويصفونها بتعاقب العلم والجهل عليها وأنّها جاهلة بالفعل وعاقلة بالقوّة تقبل العلم بالاكتساب وأنّ جهلها سبب وقوع الفعل وعلمها سبب ارتفاعه، وتتلوها المادّة المطلقة أعني الهيولى المجرّدة ويسمّونها «أبيكت» أي شيء بلا صورة وهي موات ذات قوى ثلاث بالقوّة دون الفعل أسماؤها «ست» و «رج» و «تم» وسمعت أنّ عبارة «بدّهودن» عنها لقومه الشمنيّة «بدّ دهرم «١» سنك» وكأنّها العقل والدين والجهل، فالأولى «٢» منها راحة وطيبة منها الكون والنماء والثانية تعب ومشقّة منها الثبات والبقاء والثالثة فتور وعمه منها الفساد والفناء، ولهذا تنسب «٣» الأولى إلى الملائكة والثانية إلى الناس والثالثة إلى البهائم، وهذه أشياء تقع فيها قبل وبعد وثمّ من جهة الرتبة وتضايق العبارة لا من جهة الزمان: وأمّا المادّة خارجة إلى الفعل بالصور والقوى الثلاث الأول فإنّهم يسمّونها «بيكت» أي المتصوّرة ويسمّون مجموع الهيولى المجرّدة والمادّة المتصوّرة «پركرت» ولا فائدة في هذا الاسم لاستغنائنا عن ذكر المطلقة ويكفينا المادّة في العبارة فليس إحداهما في الوجود بغير الأخرى؛ وتتلوها الطبيعة ويسمّونها «أهنكار «٤» » واشتقاقه من الغلبة والازدياد والصلف من أجل أنّ المادّة