مطاعمها، وترى الزهّاد في غياضه مقتصرين على التغذّي بثماره، مع مفاخر له تفوت الاحصاء، ولمّا رأى «اكست بن برن» وهو سهيل بن الماء ذلك من فعل الجبل عرض عليه الصحبة فيما أمّه وسأله المقام والتثبّت ريث ما يعود اليه حتى قناه بذلك عمّا كان فيه من السمر، وأقبل على البحر يبلع ماءه حتى غاض وبدت سفوح جبل بند، فتشبّث «مكر» ودوّاب الماء به تخدشه حتى ثلمته بالحفر وثقبته اخاديد بقيت الجواهر واللآلئ فيها، حتى تزيّن بها وبالأشجار البارزة على ذيوله «١» والحيّات المتردّدة بالتواء على وجهه، واعتاض بظلم سهيل ايّاه ما اكتسب من الزينة التي استفاد الملائكة منها امثلة تيجانهم وأكاليلهم، كما اعتاض البحر بنضوب مائه حسن لمعان السمك عند اضطرابها فيه وظهور الجواهر في قراره وتردّد الحيّات والفيلة في باقي مائه، فإذا علاه السمك والحلزون والصدف طننته حياضا قد غطى النيلوفر الأبيض وجه مائها في سدس «شرد» وفصل الخريف، ولم تكد تميّز بينه وبين السماء لتزيّن البحر بالجواهر زينة السماء بالكواكب ومشابهة الحيّات الكثيرة الرءوس خيوط الشعاع المنبعث من الشمس ومماثلة البلّور فيه جرم القمر والبخار الأبيض الذي تعلوه سحائب السماء، فكيف لا اثنى على من فعل هذا الفعل العظيم ونبّه الملائكة على حسن التيجان وجعل البحر وجبل «بند» خزانة لهم! ذاك سهيل الذي يطهر به الماء من الأوساخ الأرضيّة التي تخالطه طهارة قلب الرجل الصالح ممّا ران عليه في صحبة الأشرار، فمهما طلع ونقص الماء في الأنهار والأدوية في اوانه رأيت الأنهار تقدم الى القمر ما على وجه الماء من انواع النيلوفر الأبيض والأحمر والفيلجون ويسبح فيه من الوان البطوط والنحام قربانا له مثل ما تقدّم الفتاة من الورد والتحف عند دخولها، ولم يشبّه وقوف ازواج النحام الحمر على الحافّتين وتردّد البطوط البيض في الوسط مصوّتة الّا بشفتي الحسناء قد برزت ثناياها بضحك الفرح، بل لم يشبّه النيلوفر النيليّ بين ابيضه وتهافت