جرداء في أشدّ شدّة سواء كان مثابا أو كان معاقبا فهو كالبرزخ بين الكسب وبين نيل الأجر، ولذلك يقيم وارث الميّت عندهم رسوم السنة على الميّت ولا تنقضي إلّا بانقضائها لأنّ الروح تذهب حينئذ إلى المحلّ المعدّ لها؛ ونحن نذكر هاهنا أيضا من كتبهم ما يصرّح بهذه المعاني، ففي «بشن پران» : إنّ «ميتري» سأل «پراشر» عن الغرض في جهنّم والعقاب به؟ فأجابه بأنّ ذلك لتمييز الخير من الشرّ والعلم من الجهل وإظهار العدل، وما كلّ مذنب يدخل جهنّم فإنّ منهم من ينجو بتقديم التوبة والكفّارات وعظماها التزام ذكر «بشن» في كلّ عمل، ومنهم من يتردّد في النبات وخشاش الطير ومرذول الهوامّ وقذرها «١» من القمل والدود إلى مدّة الاستحقاق؛ وفي كتاب «سانك» : أمّا من استحقّ الاعتلاء والثواب فإنّه يصير كأحد الملائكة مخالطا للمجامع الروحانيّة غير محجوب عن التصرّف في السماوات والكون مع أهلها أو كأحد أجناس الروحانيّين الثمانية، وأمّا من استحقّ السفول بالأوزار والآثام فإنّه يصير حيوانا أو نباتا ويتردّد إلى أن يستحقّ ثوابا فينجو من الشدّة أو يعقل ذاته فيخلّي مركبه ويتخلّص وقال بعض من مال إلى التناسخ من المتكلّمين: إنّه على أربع مراتب هي النسخ وهو التوالد بين الناس لأنّه ينسخ من شخص إلى آخر، وضدّه المسخ ويخصّ الناس بأن يمسخوا «٢» قردة وخنازير وفيلة، والرسخ كالنبات وهو أشدّ من النسخ لأنّه يرسخ ويبقى على الأيّام ويدوم كالجبال؛ وضدّه الفسخ وهو للنبات المقطوف «٣» والمذبوحات لأنّها تتلاشى ولا تعقب؛ وذهب أبو يعقوب السجزي الملقّب «٤» في كتاب له وسمّاه بكشف المحجوب إلى أنّ الأنواع محفوظة وأنّ التناسخ في كل واحد منها غير متعدّ إلى نوع آخر؛ وقد كان هذا رأي اليونانيّين فإنّ يحيى النحوي يحكي عن أفلاطن