للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«سندنشك» ؛ وإنّما عددنا هذا لنعرّف من الذنوب ما يكره عندهم من الأفعال، ومنهم من يرى الواسطة التي للاكتساب هي الإنسانيّة والتردّد فيها بالمكافاة القاصرة عن الثواب والعقاب ثمّ يرى الجنّة عالية عليها للنعيم المستوجب مدّة على حسن الصنيعة، والتردّد في النبات والحيوان سافلا عنها للعذاب والعقاب المستأهل مدّة على سوء الصنيعة ولا يرى جهنّم إلّا هذا الانحطاط عن البشريّة؛ وهذه كلّها من أجل أنّ طلب الخلاص من الرباط ربّما لم يكن على طريقه المستقيم المؤدّي إلى العلم اليقين بل على طرق مظنونة وبالتقليد مأخوذة، ولن يضيع عمل عامل هو خاتمة أعماله بعد الموازنة بين نوعي الاكتساب ولكنّ الجزاء يكون بحسب المقصود فينا له على مراتب إمّا في قالبه الذي هو فيه وإمّا في الذي ينتقل إليه وإمّا بعد خروجه عن قالبه وقبل أن يحصل في غيره، وهذا موضع انقلابهم عن البحث النظري إلى الخبر الملّىّ من أمر معدني الثواب والعقاب والكون فيهما غير متجسّم ببدن والعود بعد استيفاء أجر العمل إلى التجسّد والتأنّس ليستعدّ لما هو له، ولهذا لم يعدّ صاحب كتاب «سانك» ثواب الجنّة خيرا بسبب الانقضاء وعدم التأبّد وبسبب مشابهة الحال فيها حال الدنيا من التنافس والتحاسد لأجل تفاضل الدرجات والمراتب فإنّ الغلّ والحسرة لا يزول إلّا بالتساوي، والصوفيّة لا يعدّونها خيرا من جهة اخرى وهي التلهّي بغير الحقّ والاشتغال عن الخير المحض بما سواه. وقد قلنا: إنّهم يرون الروح في هذين المحلّين مجرّدة عن الجسميّة؛ لكنّ هذا رأي خاصّتهم الذين يتصوّرون النفس قائمة الذات وأمّا من ينحطّ عن رتبتهم ولا يكاد يتصوّر قوامها بغير جسد فإنّهم يرون في ذلك آراء مختلفة، فمنها أنّ سبب النزع هو انتظار الروح قالبا معدّا فلا تفارق البدن إلّا بعد وجود متعلّق يشبه فعله وكسبه ممّا أعدتّه الطبيعة جنينا في الأرحام أو بزرا نابتا في بطن الأرض فحينئذ تترك البدن الذي هي فيه، ومنهم من يقول من جهة الأخبار إنها ليست تنتظر ذلك وإنّما تفارق قالبها لرقّته وقد هيّئ لها من العناصر بدن يسمّى «آت باهك» وتفسيره «الكائن بسرعة، لأنّه لا يحصل على وجه الولاد فيكون فيه سنة

<<  <   >  >>