والرواية التي يكثر فيها الخرافة فسيجيء ذكره في خلال الكلام، ولا يتعجّب «١» من أقاويلهم في طبقة «ديو» التي عبّرنا عنها بالملائكة «٢» وتجويزهم عليهم ما لا تجوّزه العقول ممّا نزّههم متكلّمو الإسلام عن مباحه فضلا عن محظوره فإنّك إذا جمعت بين أقاويلهم تلك وأقاويل اليونانيّين في ملّتهم زال الاستغراب، وقد قدّمنا أنّهم كانوا سمّوا الملائكة «آلهة» فطالع ما ورد لهم في «زوس» حتى تتحقّق ما قلناه أمّا ما هو صادر فيه عن مشابه الحيوانيّة والإنسيّة فقولهم: إنّه لمّا ولد رام أبوه أكله وقد تقدّمت الأمّ بلفّ حجر في خرق فألقمته إيّاه حتى انصرف، وقد ذكر ذلك جالينوس في «كتاب الميامر» في قوله: إنّ «فيلن «٣» » ألغز بوصف معجون «فلونيا» في شعره فقال: خذ شعرا أحمر «٤» من الشعر الذي يفوح منه رائحة الطيب وهو قربان الآلهة ودمه فتزن منه أوزانا بقدر عقول الناس، وعنى بذلك الزعفران خمسة مثاقيل لأنّ الحواسّ خمس، وذكر سائر الأخلاط بأوزانها على أنواع من الرموز فسّرها جالينوس وفيها: ومن الأصل المكذوب عليه الذي نشأ في البلد الذي ولد فيه «زوس» فقال: إنّ هذا هو السنبل لأنّه مكذوب عليه في اسمه قد سمّي «سنبلا» وليس بسنبل وإنّما هو أصل، وأمر أن يكون «اقريطيّا» لأنّ أصحاب الأمثال يقولون في «زوس» إنّه ولد في جبل «ديقطاون» في «قريطي» حيث كانت والدته تخبؤه «٥» من أبيه «قرونس» لئلا يبتلعه كما ابتلع غيره، ثمّ ما في التواريخ المشهورة من تزوّجه بالنّساء المعروفات واحدة بعد أخرى وإحبال بعض منهنّ مغصوبات غير منكوحات ومنها «آورقّة بنت فونيكوس» الذي «٦» أخذها منه