للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الجملة فما ورد النص به فليس للمؤمن إلا طاعة الله ورسوله كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (١).

وينبغي أن يتلقى ذلك بانشراح الصدر والرضا، فإن ما شرعه الله ورسوله يجب الإيمان والرضا به والتسليم له كما قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} (٢).

وأما ما ليس فيه نص من الله ورسوله، ولا عمن يقتدى بقوله من الصحابة وسلف الأمة، فإذا وقع في نفس المؤمن المطمئن قلبه بالإيمان المنشرح صدره بنور المعرفة واليقين منه شيء، وحاك في صدره بشبهة موجودة ولم يجد من يفتي فيه بالرخصة إلا من يخبر عن رأيه، وهو ممن لا يوثق بعلمه وبدينه بل هو معروف باتباع الهوى، فهنا يرجع المؤمن إلى ما حاك في صدره وإن أفتاه هؤلاء المفتون (٣).

ويقول رحمه الله تعالى أيضًا مبينا أن المقصود هو إظهار الحق مهما خالف أقوال الرجال، وهذا من النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، يقول: فرد المقالات الضعيفة، وتبيين الحق في خلافها بالأدلة الشرعية، ليس هو مما يكرهه العلماء، بل مما يحبونه ويمدحون فاعله، ويثنون عليه فلا يكون داخلًا في باب الغيبة بالكلية، فلو فرض أن أحدًا يكره إظهار خطئه المخالف للحق، فلا عبرة بكراهته لذلك، فإن كراهة إظهار الحق إذا كان مخالفًا لقول الرجل ليس من الخصال المحمودة، بل الواجب على المسلم أن يحب ظهور الحق


(١) سورة الأحزاب آية (٣٦).
(٢) سورة النساء آية (٦٥).
(٣) جامع العلوم والحكم (٢/ ٢٥٩).

<<  <   >  >>