للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالتفكر والتأمل في الكون الكبير بسماواته وأرضه وإنسانه وحيوانه ونباته وجماده بكل ما فيها من عجائب فيه دلالة تهدي الإنسان إلى ربه وتسوقه إلى الحق والخير ولذلك يقول القائل:

وفي كل شيء له آية ... تدل على أنه واحد (١)

والقرآن الكريم مليء بالآيات التي تحث على النظر والتدبر والتأمل في آيات الله تبارك وتعالى المحسوسة المشاهدة التي يراها كل أحد صغيرًا وكبيرًا وذكرًا أو أنثى بل جميع الناس على مختلف مستوياتهم لتكون دليلًا لهم على وحدانية الله تبارك وتعالى وأنه هو الإله الحق الذي يستحق العبادة دون سواه.

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: وإذا تأملت ما دعا الله سبحانه في كتابه عباده إلى التفكر فيه أوقعك على العلم به، سبحانه وتعالى وبوحدانيته وصفات كماله ونعوت جلاله من عموم قدرته وعلمه، وكمال حكمته ورحمته وإحسانه وبره ولطفه، وعدله ورضاه، وغضبه وعقابه فبهذا تعرف إلى عباده وندبهم إلى التفكر في آياته (٢).

ومن تلك الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (٢٠)} (٣).

ومن ذلك قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (١٠) هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (١١)} (٤) وغيرها من الآيات التي ترشد


(١) البيت من شعر أبي العتاهية.
انظر: أبو العتاهية أشعاره وأخباره (ص ١٠٤).
(٢) مفتاح دار السعادة (١/ ٢٣٧).
(٣) سورة الغاشية الآيات (١٧ - ٢٠).
(٤) سورة لقمان الآيتان (١٠، ١١).

<<  <   >  >>