للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٧٨)} (١).

وقال: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (٩)} (٢).

قال مجاهد (٣): هذه نعم من الله متظاهرة يقررك بها كيما تشكر (٤) إلى أن قال رحمه الله تعالى: والمقصود أن الله تعالى أنعم على عباده بما لا يحصونه كما قال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} (٥) وطلب منهم الشكر، والرضا به منهم (٦).

وقال رحمه الله تعالى أيضًا: فإذا وفّق الله عبده للشكر على نعمه الدنيوية بالحمد أو غيره من أنواع الشكر، كانت هذه النعمة خيرًا من تلك النعم وأحبّ إلى الله عز وجل، فإن الله يحب المحامد، ويرضى عن عبده أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب الشربة فيحمده عليها، والثناء بالنعم والحمد عليها وشكرها عند أهل الجود والكرم أحبّ إليهم من أموالهم فهم يبذلونها طلبًا للثناء، والله عز وجل أكرم الأكرمين وأجود الأجودين فهو يبذل نعمه لعباده ويطلب منهم الثناء بها، وذكرها منهم، والحمد عليها ويرضى منهم بذلك شكرا عليها، وإن كان ذلك كله من فضله عليهم، وهو غير محتاج إلى شكرهم، لكنه يحب ذلك من عباده حيث كان صلاح العبد وفلاحه، وكماله فيه، ومن فضله سبحانه أنه نسب


(١) سورة النحل آية (٧٨).
(٢) سورة البلد الآيتان (٨، ٩).
(٣) مجاهد بن جبر أبو الحجاج المكي شيخ القراء والمفسرين قال ابن سعد: "مجاهد ثقة فقيه عالم كثير الحديث"، توفي سنة ١٠٢ هـ.
سير أعلام النبلاء (٤/ ٤٤٩) والبداية والنهاية (٩/ ٢٣٢).
(٤) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٣٠/ ١٩٩) من قول قتادة، وكذا عزاه السيوطي في الدر المنثور (٨/ ٥٢١) لقتادة.
(٥) سورة إبراهيم آية (٣٤).
(٦) جامع العلوم والحكم (٢/ ٢٢٧ - ٢٣٢).

<<  <   >  >>