للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال عن السماء: "فتأمل خلق السماء وارجع البصر فيها كرة بعد كرة كيف تراها من أعظم الآيات في علوها وارتفاعها وسعتها وقرارها بحيث لا تصعد علوًا كالنار، ولا تهبط نازلة كالأجسام الثقيلة ولا عمد تحتها ولا علاقة فوقها، بل هي ممسوكة بقدرة الله الذي يمسك السموات والأرض أن تزولا، ثم تأمل استواءها واعتدالها فلا صدع فيها، ولا فطر ولا شق ولا أمت ولا عوج ثم تأمل ما وضعت عليه من هذا اللون الذي هو أحسن الألوان وأشدها موافقة للبصر وتقوية له" (١).

وقال عن الأرض: "وإذا نظرت إلى الأرض وكيف خلقت، رأيتها من أعظم آيات فاطرها وبديعها، خلقها سبحانه فراشًا ومهادًا وذللها لعباده وجعل فيها أرزاقهم وأقواتهم ومعايشهم وجعل فيها السبل لينتقلوا فيها في حوائجهم وتصرفاتهم، وأرساها بالجبال، فجعلها أوتادًا تحفظها لئلا تميد بهم، ووسع أكنافها ودحاها فمدها وبسطها، وطحاها فوسعها من جوانبها وجعلها كفاتًا للأحياء تضمهم على ظهرها ما داموا أحياء، وكفاتًا للأموات تضمهم في بطنها إذا ماتوا، فظهرها وطن للأحياء، وبطنها وطن للأموات، وقد أكثر تعالى من ذكر الأرض في كتابه ودعا عباده إلى النظر إليها والتفكر في خلقها ... " (٢).

٤ - دلالة خلق النبات:

قال ابن رجب رحمه الله تعالى: تدقيق النظر والفكر في حال النبات يستدل به المؤمن على عظمة خالقه وكمال قدرته ورحمته فتزداد القلوب هيمانًا في محبته، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ


(١) مفتاح دار السعادة (١/ ٢٦٠).
(٢) المصدر السابق (١/ ٢٥١، ٢٥٢).

<<  <   >  >>