للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حامضًا، ويتناولون منه طبخًا واعتصارًا ثم ينقلب حلوًا فينتفع الناس به حلوًا رطبًا ويابسًا، ويستخرجون منه ما ينتفعون بحلاوته طول العام، وما يأتدمون بحمضه، وهو نعم الإدام.

فهذه التنقلات توجب للعاقل الدهش والتعجب من صنع صانعه وقدرة خالقه، فينبغي أن يفرغ عقله للتفكر في هذه النعم والشكر عليها.

وأما الجاهل فيأخذ العنب فيجعله خمرًا فيغطي به العقل الذي ينبغي أن يستعمل في الفكر والشكر حتى ينسى خالقه المنعم عليه بهذه النعم كلها، فلا يستطيع بعد الشكر أن يذكره ويشكره بل ينسى من خلقه ورزقه، فلا يعرفه في شكره بالكلية، وهذه نهاية كفران النعم (١).

فالنبات وما فيه من عجائب من الآيات الكبيرة والدلائل العظيمة على عظم خالقه وموجده وأنه المستحق للعبادة دون سواه وقد ورد في القرآن الكريم آيات كثيرة تدل على أن المقصود الأول من هذه النباتات إنما هو للدلالة على معرفة عظمة خالقه وكمال قدرة موجده.

ومن ذلك قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٩٥)} (٢).

ومنها قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (١٠) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١١)} (٣).


(١) لطائف المعارف (ص ٣٣١).
(٢) سورة الأنعام آية (٩٥).
(٣) سورة النحل الآيتان (١٠، ١١).

<<  <   >  >>