للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجب اعتقاد ثبوته مع نفي التمثيل عنه فكما أن الله ليس كمثله شيء في ذاته، فكذلك في صفاته وما أشكل فهمه من ذلك فإنه يقال فيه ما مدح الله الراسخين من أهل العلم إنهم يقولونه عند المتشابهات: آمنا به كل من عند ربنا، وما أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في متشابه الكتاب أنه يرد إلى عالمه، والله يقول الحق ويهدي السبيل (١).

هكذا كان السلف الصالح رضي الله عنهم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين ومن سلك سبيلهم كانوا متفقين على هذا المنهج، كلمتهم واحدة، لم يقابلوا الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية بالتأويل والتحريف ولم يعارضوها بعقولهم بل تلقوها بالقبول والتسليم، وقابلوها بالإجلال والتعظيم، ولم يتكلم أحد منهم في شيء من أمور الدين إلا تبعًا لما قاله الله عز وجل، ولما نطق به رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

يقول محمد بن الحسن (٢) رحمه الله تعالى: اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن والأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صفة الرب عز وجل من غير تغيير ولا وصف ولا تشبيه، فمن فسر اليوم شيئًا من ذلك فقد خرج مما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفارق الجماعة فإنهم لم يصفوا ولم يفسروا، ولكن أفتوا بما في الكتاب والسنة ثم سكتوا (٣).


(١) فتح الباري (٥/ ١٠٠).
(٢) محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني، فقيه العراق وصاحب أبي حنيفة، صنف الجامع الكبير والجامع الصغير وغيرهما، توفي سنة ١٨٩ هـ.
وفيات الأعيان (٤/ ١٨٤) وسير أعلام النبلاء (٩/ ١٣٤).
(٣) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٤٣٢) وإثبات صفة العلو لابن قدامة (ص ١١٧).

<<  <   >  >>