للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكلامهم في الإثبات يرتكز على أمرين:

١ - القول في الصفات كالقول في الذات، فإن الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في أسمائه وصفاته، ولا في أفعاله، فإذا كان له ذات حقيقة لا تماثل الذوات، فالذات متصفة بصفات حقيقية لا تماثل سائر الصفات.

فإن قيل: كيف استوى على عرشه؟

يقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن الكيفية بدعة، كما أجاب ربيعة ومالك وغيرهم رحمهم الله تعالى وإن قيل: كيف ينزل ربنا؟

يقال: كيف هو في ذاته؟

فإذا قال: لا أعلم كيفيته، قيل له: لا نعلم كيفية نزوله، إذ العلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف، وهو فرع له، وتابع له، فكيف تطالبني بالعلم بكيفية سمعه وبصره وتكليمه واستوائه ونزوله وأنت لا تعلم كيفية ذاته.

وإذا كنت تقر بأن له حقيقة ثابتة في نفس الأمر مستوجبة لصفات الكمال، لا يماثلها شيء، فسمعه وبصره وكلامه، ونزوله، واستواءه ثابت في نفس الأمر، وهو متصف بصفات الكمال التي لا يشابههه فيها سمع المخلوقين، وبصرهم، وكلامهم، واستواؤهم ونزولهم.

وهذا كلام لازم لهم في العقليات، وفي تأويل السمعيات، فإن من أثبت شيئًا، ونفى شيئًا بالعقل، ألزم إذًا فيما نفاه من الصفات التي جاء بها الكتاب والسنة نظير ما يلزمه فيما أثبته.

ولو طولب بالفرق بين المحذور في هذا وهذا لم يجد بينهما فرقًا.

<<  <   >  >>