للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر، فإن من أثبت بعض الصفات كالحياة والقدرة، والإرادة، ويجعل ذلك كله حقيقة وينكر المحبة والرضا والغضب ويجعل ذلك مجازًا.

يقال له: ما الفرق بين ما أثبته وما نفيته؟

بل القول في أحدهما كالقول في الآخر.

فإن قال: إن إرادة الله مثل إرادة الخلق قيل: فكذلك رضاؤه ومحبته وهذا هو التمثيل.

وان قال: إن له إرادة تليق به كما أن للمخلوق إرادة تليق به، قيل له: فكذلك له محبة تليق به، وللمخلوق محبة تناسب حاله وكذلك سائر الصفات كالرضا والغضب.

فإن قال: الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام، يقال له والإرادة ميل النفس إلى جلب منفعة أو دفع مضرة فإن قال: هذه إرادة المخلوق، قيل: هذا غضب المخلوق، وكذلك يلزم القول في بقية الصفات، فيجب أن يؤخذ الكل، أو يقال في الكل بما يقال في البعض (١).

وقد جمع بين هذين الأصلين الإمام أحمد رحمه الله تعالى في قوله: إنما التشبيه أن تقول يد كيد أو وجه كوجه، فأما إثبات يد ليست كالأيدي، ووجه ليس كالوجوه، فهو إثبات ذات ليست كالذوات، وحياة ليست كغيرها من الحياة وسمع وبصر ليس كالأسماع والأبصار، وليس إلا هذا المسلك، أو مسلك التعطيل المحض، أو التناقض الذي لا يثبت لصاحبه قدم في النفي، ولا في الإثبات (٢).


(١) الرسالة التدمرية لشيخ الإسلام مع تصرف يسير (ص ١٥ - ٢١).
(٢) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة (١/ ١١٧).

<<  <   >  >>